الكاردينال شيرني يسلط الضوء على أهمية الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli Tutti في عالم اليوم

خلال مشاركته في احتفال نُظم صباح اليوم السبت في Kommende Dortmund بألمانيا، لتقديم كتاب جديد بعنوان “الأخوة علامة الأزمنة، التعليم الاجتماعي للبابا فرنسيس”، ألقى عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل شيرني خطاباً سلط فيه الضوء على تعاليم الحبر الأعظم الهادفة إلى إرساء أسس الأخوة في العالم وبنوع خاص على الرسالة العامة Fratelli Tutti. وقد شارك في الاحتفال عدد من الأساتذة الجامعيين الألمان الذين يدرّسون مادة “العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية”.
استهل المسؤول الفاتيكاني كلمته متوقفاً عند أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وقال إنه حاول أن يسلط الضوء على علامات الأزمنة ومن بينها كوننا أخوة وأخوات مدعوين إلى العيش في بيت مشترك، كما جاء في توطئة المجلد التي حملت توقيع البابا فرنسيس، مع العلم أن الكتاب أعده الكاردينال شيرني نفسه بالتعاون مع البروفيسور كريستيان باروني. بعدها أكد نيافته أن الرسالة العامة Fratelli Tutti، تقدم خلاصة لتعاليم الحبر الأعظم، ومن صفحاتها يبرز حلم جديد للبشرية كلها. ألا وهو السير معاً من أجل بناء مستقبل أفضل، وتكاتف الجهود بغية تشييد عالم أكثر عدلاً واتحاداً.
وأضاف شيرني أنه شاء من خلال إصدار هذا الكتاب أن يوجه الأنظار نحو تعاليم البابا فرنسيس التي تشكل استمرارية لأعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، مع أن هذا البعد قد لا يبدو هاماً اليوم، خصوصا وأن الاطلاع على الوثائق المجمعية يقتصر غالباً على الأكاديميين وقلة قليلة من الخبراء في مجال العلوم التاريخية. ولفت نيافته إلى أن خورخي برغوليو، عندما كان كاهناً يسوعياً ومن ثم رئيس أساقفة لبوينوس أيريس عمل على نشر تعاليم المجمع لاسيما وثيقة “فرح ورجاء”، وقال عن نفسه إنه تنشق هواء المجمع خصوصا وأنه كان بيئته الكنسية.
تابع الكاردينال شيرني موضحا أن البابا فرنسيس لا يميل إلى الاقتباس مباشرة من الوثائق المجمعية، لكن ما يقوله ويعلّمه يتماشى تماماً مع التعاليم المجمعية، وحاول خلال سنوات حبريته العشر أن يعطي دفعا أقوى لمواضيع المجمع لاسيما تلك التي باتت اليوم ثانوية، من بينها – على سبيل المثال – الطبيعة الإرسالية لشعب الله كله، جهود الإصغاء إلى الحاضر بغية التمييز جيداً في ضوء الإنجيل، والخطوات الواجب اتخاذها، فضلا عن إعادة اكتشاف الطبيعة السينودسية للكنيسة. من هذا المنطلق – قال نيافته – تبدو الأخوة الكونية علامة من علامات الأزمنة، وهي أيضا طريقة لإعلان ونقل الإنجيل وسط الكنيسة والعالم المعاصر.
مضى المسؤول الفاتيكاني إلى القول إن القسم الثاني من المجلد يسلط الضوء على الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli Tutti ويقدّم لقرّائه مفتاحا لتفسير المواضيع التي تتناولها الوثيقة. وأوضح شيرني أن هذه الرسالة العامة معقدة بحد ذاتها وتحاول أن تلخص كل المواضيع الرئيسة المتعلقة بتعاليم الكنيسة الاجتماعية، وتعطيها خلفية وأفقا، مرتكزة إلى الأخوة والصداقة الاجتماعية. وشاء نيافته أن يتوقف عند الفصل الثامن من الوثيقة الذي من خلاله يتوجه الحبر الأعظم إلى جميع الديانات ويشجعها على السير معاً والعمل على بناء عالم أكثر عدلاً وتضامنا. وهذه المقاربة السينودسية تمتد لتشمل المسيحيين المنتمين إلى طوائف أخرى، وأتباع باقي الديانات، وجميع المؤمنين وتحدد السلام كهدف علينا أن نبلغه معا، في إطار احترام الاختلافات والتنوع.
بعدها توجه عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة إلى المشاركين في الاحتفال مشجعاً الجميع على قراءة نص الرسالة العامة Fratelli Tutti، والعمل على تجسيده في الحياة الكنسية وفي مجال التعايش المدني. وأضاف أن العولمة أقنعتنا أننا نعيش في عالم مترابط وأننا ننتمي جميعا إلى القبيلة نفسها، وقال إن هذا الأمر صحيح إلى حد ما، لأنه بعد من أبعاد التقدم التكنولوجي في مجال التواصل. لكن عندما يصير المجتمع أكثر عولمة تجعلنا هذه الظاهرة جيراناً وليس بالضرورة أخوة، كما كان يقول البابا بندكتس السادس عشر، خصوصا أن العولمة كما نعرفها اليوم أدت إلى اتساع الرقعة بين الأغنياء والفقراء، وزادت بالتالي من انعدام المساواة.
ختاما شدد الكاردينال شيرني على أن الرسالة العامة Fratelli Tutti تقدم لنا اليوم الدرب الواجب أن نسلكها، موضحا أن مُثل الأخوة تتحقق عندما نبحث عن طرق واقعية لنحقق إنسانتينا تماشياً مع دعوة الله لنا.