خلال مشاركته في احتفال نظم يوم أمس الاثنين في مدينة بولونيا الإيطالية لمناسبة تقديم كتاب جديد للخبير في الشؤون الفاتيكانية إينياتسيو إنغراو أكد رئيس أساقفة المدينة ورئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي أن الإجابة على الكثير من الأسئلة التي تُربك الكنيسة تتطلب التركيز على تفكير أنتروبولوجي حول إنسان اليوم، موضحا أن هذا ما يسعى إليه البابا فرنسيس. ودعا نيافته أيضا إلى إطلاق عمليات تساعدنا على إيجاد الأجوبة المطلوبة خلال المسيرة التي نجتازها وليس في إطار برامج معدة مسبقا.
“التساؤلات الكثيرة التي تُربك الكنيسة وتزعجها تجد أجوبتها في الثقة المطمئنة للبابا فرنسيس وفي الإنجيل الذي كان ويبقى الجواب”. هذا ما قاله رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ورئيس أساقفة بولونيا الكاردينال ماتيو زوبي خلال مشاركته في احتفال تقديم المجلد الجديد الذي يحمل عنوان “خمس أسئلة تُربك الكنيسة” وقام بإعداده الخبير في الشؤون الفاتيكانية والصحفي في محطة RAI التلفزيونية الإيطالية إينياتسيو إنغراو. قد شارك في اللقاء الذي شاءه المؤلف نفسه، الخبير في تاريخ الأديان ألبرتو ميلّوني ورئيس مجلس النواب الإيطالي الأسبق بير فيرديناندو كازيني.
قال الكاردينال زوبي إن الصحفي إنغراو يقدم من خلال هذا الكتاب قراءة حول مستقبل الكنيسة القريب، مشيرا إلى أنها تتماشى مع قراءة البابا فرنسيس. وشدد على ضرورة أن نضع في المحور تفكيراً أنتروبولوجيا بشأن إنسان اليوم، وهذا ما يعمل من أجله الحبر الأعظم. وأضاف أن العقيدة موجودة لكن علينا اليوم أن نسأل أنفسنا: مع من نتكلم؟ من هو إنسان اليوم؟ ولفت إلى أن الكنيسة عرفت خلال القرون الماضية قديسين ساعدونا على عيش التغيير، وبالتالي عليها أن تنظر إلى المسيرات التي تجتازها لا إلى برامج معدة مسبقا، مشيرا إلى أن البابا فرنسيس يؤمن بضرورة البحث عن الأجوبة من خلال السير وسط الناس، والإصغاء إليهم، مع الأخذ في عين الاعتبار إمكانية حصول ما ليس متوقعاً.
بعدها قال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا إن البرامج التي تُعدها الكنيسة لا تهدف إلى توضيح الأمور، لأن هذا ما يفعله الإنجيل أصلا. لذا من الأهمية بمكان أن تُطلق عمليات تساعدنا على إيجاد الأجوبة المطلوبة خلال المسيرة التي نجتازها. وهذا أمر لا يخشى منه البابا فرنسيس إطلاقا. وأكد نيافته أن الارتباك موجود والصعوبات تعني الجميع، لا الكنيسة وحسب. وشاء الكاردينال زوبي هنا أن يذكّر بما قاله البابا فرنسيس بالأمس، خلال مقابلة مع صحيفة La Stampa عندما قال إنه يشعر أنه راعٍ للجميع، مضيفا أن البابا يتحدث مع الكل وهذا أمر غالباً ما يولّد المشاكل لدى من يبحث عن هوية هاجسية.
قبل أن يتناول الكاردينال زوبي الكلام، كانت مداخلة للخبير في تاريخ الكنيسة والديانات ألبرتو ميلوني الذي سلط الضوء على أجندة البابا فرنسيس موضحا أنها تطورت مع مرور الوقت. وقال إنه في بداية حبريته تحدث عن كنيسة فقيرة من أجل الفقراء، ثم عن كنيسة تخرج إلى الأطراف وعن رعوية المطلقين والمتزوجين من جديد، وقد تمتع البابا بقدرة كبيرة على نشر نضارة الإنجيل. وأضاف أنه في العام ٢٠١٥ بدأت المرحلة الثانية، إذ برزت القضايا المرتبطة بالبيئة والأخوّة، مع صدور الرسالتين العامتين “كن مسبحا” وFratelli Tutti، والرسالة الأخيرة تناولت موضوع الأخوّة والمسائل المرتبطة بنزع السلاح والأسلحة الذرية، لينتقل بعدها البابا إلى عملية إصلاح الكوريا الرومانية. وأشار ميلوني إلى أن فرنسيس يدرك أنه يتعين على المسيحي أن يتوكل على الرب.
من جانبه شاء رئيس مجلس النواب الإيطالي الأسبق بير فيرديناندو كازيني أن يعلق على كتاب إينياتسيو إنغراو متوقفا عند شعور الارتباك والضياع الموجود في المجتمع. واعتبر أن الحبر الأعظم يجد نفسه بين مطرقة من يتهمه بالنيل من التقليد، شأن قراره المتعلق بمباركة المثليين، وسنداد من يرى أن إصلاحاته لم تكتمل بعد. وشاء كازيني أن يذكّر في هذا السياق بأن الكنيسة الكاثوليكية قامت بمسيرتها الإصلاحية، وهذا أمر لم يفعله الإسلام، على سبيل المثال، موضحا أن المجامع المسكونية كانت بحد ذاتها محاولة من قبل الكنيسة لمواكبة الأزمنة. وتساءل السياسي الإيطالي ماذا كان سيحصل إن لم يكن البابا موجودا، وإن لم يُصلح الكنيسة؟ وإن لم يتعامل بحزم مع قضية التعديات الجنسية على القاصرين؟
ويقول مؤلف الكتاب إنغراو إنه إزاء التساؤلات التي تُربك الكنيسة، لا يمكن أن نلزم الصمت، معتبرا أنه يتعين على الخبرة المسيحية أن تواجه تحديات الحاضر. وأكد أن حبرية البابا فرنسيس تمكنت خلال السنوات العشر الفائتة من إطلاق الكنيسة إلى الأمام، نحو الأطراف الجغرافية والوجودية كما جعلت منها مستشفى ميدانياً مستعداً للإجابة على تساؤلات الجميع.