شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في حفل تسليم جائزة يوحنا بولس الثاني في نسختها الأولى. جائزة التكريم التي تحمل اسم البابا البولندي الراحل مُنحت هذا العام للأب ليوناردو أولوبو، رئيس مركز يوحنا بولس الثاني للعدالة والسلام في كامبالا بأوغندا، الذي أبصر النور في العام ٢٠٠٦ والملتزم منذ ذلك التاريخ في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلد الأفريقي.
لمناسبة تسليم الجائزة ألقى المسؤول الفاتيكاني مداخلة تمحورت حول الدور المركزي للكائن البشري كما جاء في تعاليم البابا كارول فويتيوا، وفي العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية، موضحا أن هذا المبدأ يشكل أساساً للنشاط الذي يقوم به مركز يوحنا بولس الثاني للعدالة والسلام في كامبالا، منذ ثماني عشرة سنة، علما أنه أُسس بمبادرة من سبع جمعيات رهبانية عاملة في أوغندا، وبإلهام من الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس “الكنيسة في أفريقيا”، للبابا يوحنا بولس الثاني، الذي صدر عام ١٩٩٥.
حفل تسليم الجائزة نُظم في القصر الرسولي بالفاتيكان، وقد مُنح الأب ليوناردو أوبولو الجائزة من يد الكاردينال بيترو بارولين، علما أن الكاهن الأوغندي كان قد التقى بالبابا فرنسيس يوم الأربعاء الفائت برفقة رئيس المؤسسة الفاتيكانية يوحنا بولس الثاني المونسينيور بافل بتاجنيك، والبروفيسورة هانّا سوكوكا، عضو لجنة التحكيم. وفي أعقاب اللقاء مع البابا صدرت مذكرة عن المؤسسة الفاتيكانية جاء فيها أنه تم التطرق إلى نشاطات مركز يوحنا بولس الثاني في كامبالا فضلا عن الجهود المبذولة لإرساء أسس العدالة والسلام في أوغندا وفي أفريقيا عموماً. وقد شهد الحفل أيضا مشاركة الكاردينال كورت كوخ، عميد الدائرة الفاتيكانية لتعزيز وحدة المسيحيين، بالإضافة إلى عدد من الأساقفة والكهنة البولنديين يتقدمهم رئيس أساقفة كراكوفيا المطران ماريك جيدراجيفسكي.
في الكلمة التي ألقاها للمناسبة شاء أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن يسلط الضوء على العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية لافتا إلى أن هذه العقيدة ليست بديلا عن الرأسمالية الليبرالية أو الاشتراكية الماركسية، بل هي تطبيق نبوي للتعاليم الواردة في الإنجيل. وقال نيافته في هذا الصدد: إذا أردنا أن نصف العلاقة التي كانت قائمة بين البابا يوحنا بولس الثاني والقارة الأفريقية، يمكن أن نقول إن فويتيوا كان يرغب، قبل كل شيء آخر، في فتح آفاق للرجاء في تلك القارة. وأوضح أن هذه الرسالة لم تنقطع بل تشهد استمرارية من خلال تعاليم البابوين بندكتس السادس عشر وفرنسيس. وعبّر الكاردينال بارولين في هذا السياق عن قناعته بأن العمل الذي يقوم به مركز يوحنا بولس الثاني للعدالة والسلام في كامبالا يشكل ترجمة ملموسة وواقعية لهذه الرسالة.
من جانبه أشاد الكاردينال كورت كوخ بالعمل الدؤوب الذي يقوم به المركز المذكور في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوغندا، مشيرا إلى أن المركز يستمد نشاطه من التعاليم الاجتماعية التي تركها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. أما رئيس الأساقفة جيدراجيفسكي، المسؤول أيضا عن المؤسسة الفاتيكانية يوحنا بولس الثاني، فرأى من جهته أنه من خلال تقديم هذه الجائزة سنوياً تريد المؤسسة أن تدعم شخصيات أو مؤسسات ترتكز إلى إرث البابا البولندي أو تستلهم منه. وقال إن النشاطات، شأن تلك التي يقوم بها مركز كامبالا، هي شهادة للتطبيق العملي لتعاليم هذا البابا القديس.
في كلمة ألقاها لمناسبة تسلمه الجائزة أراد الأب أولوبو أن يسلط الضوء على أهمية الدعم الدولي للعمل من أجل العدالة والسلام، وقال: إننا نصلي ونعمل كي نتابع الإرث الذي تركه البابا فويتيوا في مجال العدالة الاجتماعية، أكان في أوغندا أو في بلدان أخرى.
حفل منح جائزة يوحنا بولس الثاني لم يكن فقط فرصة لتقدير النشاطات، إنما أيضا للتفكير والتأمل في القيم التي ينبغي أن توجه عالمنا المعاصر، والتي تطرق إليها البابا البولندي خلال حبريته. أُنشأت الجائزة في السابع من شباط فبراير ٢٠٢٣ بقرار من مجلس إدارة المؤسسة الفاتيكانية بغية تكريم الشخصيات والمنظمات والمبادرات التي، ومن خلال نشاطها العلمي والثقافي والاجتماعي، تستلهم من تعاليم البابا فويتيوا، وتساهم في نشر وتعزيز الإرث الذي تركه. كما يهدف هذا التكريم إلى دعم النشاطات والمشاريع التي تتعمق في دراسة تعاليم يوحنا بولس الثاني وتسعى إلى ممارستها.