السينودس: تمَّ جمع ٦٢ ألف يورو وتم إرسالها إلى رعيّة غزة

أعلن باولو روفيني، عميد دائرة الاتصالات ورئيس لجنة الإعلام في السينودس، خلال المؤتمر الصحفي اليومي، عن نتائج التبرعات التي جمعت أمس بين المشاركين في الجمعية العامة. وكان من بين المتحدثين مع الصحفيين اليوم ثلاثة من الكرادلة الجدد الذين اختارهم البابا فرنسيس يوم الأحد الماضي.
تم جمع ٦٢ ألف يورو من خلال حملة تبرعات لصالح ضحايا الحرب في غزة. هذا ما أعلنه اليوم، ٨ تشرين الأول أكتوبر، باولو روفيني، رئيس دائرة الاتصالات ورئيس لجنة الإعلام في السينودس، خلال إيجاز صحفي مع الصحفيين في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، وكان على الطاولة أيضًا ثلاثة من الكرادلة الجدد الذين عينهم البابا فرنسيس يوم الأحد الماضي: رئيس أساقفة أبيدجان في ساحل العاج، المونسنيور إغناس بيسي دوغبو، المونسنيور ترشيزيو إيساو كيكوتشي، رئيس أساقفة طوكيو، والمونسنيور خايمي سبينغلر، رئيس أساقفة بورتو أليغري في البرازيل.
أفاد روفيني أن الكاردينال كونراد كراييفسكي، رئيس الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة المحبة، هو الذي أعلن عن نتائج الحملة. وبشكل خاص، تم التبرع بـ ٣٢ ألف يورو من قبل المشاركين في السينودس، فيما تم تقديم ٣٠ ألف يورو أخرى من قبل الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بخدمة المحبة. وأوضح الكاردينال أن المبلغ الإجمالي البالغ ٦٢ ألف يورو قد تم تسليمه عبر السفارة البابوية في القدس وهو الآن في حوزة كاهن كنيسة العائلة المقدسة في غزة، الأب غابرييل رومانيللي. وأكد روفيني أن المشاركين في السينودس استقبلوا بتصفيق حار الفيديو الذي تم عرضه في قاعة دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، والذي أرسله الكاهن مع بعض الأطفال وأبناء الرعية، كرسالة شكر.
كذلك، أفاد روفيني بأن الكاردينال غريتش قد أعلن أمام الجمعية أن دائرة العلمانيين والعائلة والحياة قد عينت أمس عشرين عضوًا جديدًا في الهيئة الاستشارية الدولية للشباب (Iyab)، التي تأسست بعد سينودس ٢٠١٨. وقد قدم الكاردينال، باسم جميع المشاركين في الجمعية، التهاني للشباب الذين يلتزمون بخدمة الكنيسة. كما أشار روفيني إلى أن الجزء الرئيسي من الصباح – حيث كان في قاعة بولس السادس حوالي ٣٥٠ شخصًا – تم تخصيصه لانتخاب ٧ من بين ١٤ عضوًا في لجنة صياغة الوثيقة النهائية. وقد أوضح أمين السرِّ نفسه، المونسنيور ريكاردو باتوكيو، قبل التصويت، أن اللجنة لا تقوم فعلياً بصياغة الوثيقة النهائية، بل تشرف على مشروع العمل. وبعد انتخاب اللجنة، تابع روفيني، جاء دور تقارير الطاولات اللغوية، وهي “الجديد في هذه الجمعية”. وبشكل خاص، “أبرز المتحدثون أهمية التنشئة المسيحية، والعلاقات للوصول إلى كنيسة أكثر سينودسية، وأهمية الإرتداد السينودسي الذي يُعدُّ ضروريًا، والإرتداد في العلاقات”. كما تم تسليط الضوء على “العلاقة بين المواهب والخدمات”، وتم التطرق إلى “كيفية تجنب النرجسية الإكليركية، والدور المهم للحياة المكرسة، وخدمة الاصغاء، والتمييز المتخصص فيما يتعلق بالخدمات، وربطها بالمهام والسياقات الثقافية والمحلية”.
وأفادت شيلا بيرس، أمينة سرِّ لجنة الإعلام، أنه “في ١٨ مداخلة حرة حول موضوع التنشئة المسيحي، بعد الاستراحة، عبّر العديد من المتحدثين عن ضرورة التركيز على العلاقات، والارتداد في العلاقات، كما ورد في مداخلات المتحدثين في الطاولات اللغوية”. وأشارت بشكل خاص إلى أن “البعض أبرزوا الحاجة إلى شفاء العلاقات المتضررة من الفضائح في الكنيسة، بدءًا من حالات الاعتداءات الجنسيّة، مع التأكيد على أهمية الثقة لتعزيز المسار السينودسي”. وأضافت بيرس: “اقترح البعض تعميق دراسة دور الشماسية لتجديد الكنيسة، بينما أصر آخرون على إكليسيولوجية شعب الله وأهمية المحبة والرسالة. كما تم التأكيد على أن المحبة للفقراء تولد من الإفخارستيا: علينا أن نكون أسخياء، كما يعلمنا الإنجيل، ولاسيما مع المهمّشين، وغير المرغوب فيهم، والذين يشعرون أحيانًا بأنهم مستبعدون حتى من الكنيسة”.
كما لوحظ أن “عملية التنشئة المسيحية تصبح أكثر أهمية في العالم المعولم”، بحسب بيرس. و”لكي نكون شهودًا للإنجيل، علينا أن نصبح أنبياء، ويتطلب ذلك عملية تنشئة في الإيمان منذ الطفولة، تشمل الجماعة بأسرها”. كما تم التأكيد على أنّه “على الجمعية أن تتحدث عن مشاركة المرأة في قيادة الكنيسة”. بالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة “موضوع المغفرة المرتبط بمحبة المسيح، وأكد أنه لا يمكن أن يكون هناك تنشئة مسيحية بدون جماعة”. ولذلك، طلب البعض مزيدًا من الالتزام بمرافقة المعمَّدين الجدد. وأخيرًا، أشارت بيرس إلى أن “هناك أيضًا من لاحظوا نقصًا في الإشارة في وثيقة “أداة العمل” لبعض الحركات والحقائق الكنسية، التي ينبغي تعزيز أهميتها في حياة الكنيسة”. كما تم التأكيد مجددًا على “ضرورة استخدام لغة مفهومة للجميع في وثائق الكنيسة، بما في ذلك في وثائق السينودس”.
وإذ تناول أحد المواضيع الرئيسية لأعمال السينودس، أراد الكاردينال المنتخب إغناس بيسي دوغبو تسليط الضوء على سر المعمودية. “بفضل هذا السر، نتشبّه بالمسيح، ويمكننا جميعًا أن نعترف بأننا أبناء الله وإخوة في المسيح”. وهذا الأمر “يتيح لكل منا، بدوره، أن يرى في القريب شخص المسيح ووجهه”. وقارن المونسنيور بيسي دوغبو بين ما يحدث في الكنيسة الجامعة وبين ما يحدث في هذه الأسابيع داخل الجمعية السينودسية، مؤكدًا على أهمية الاصغاء المتبادل والعلاقات التي تُعاش في قاعة بولس السادس “في جو استثنائي من الشراكة والتقاسم”. وأضاف: “نحن ندرك أننا لا نغير الكنيسة ماديًا، بل نحن في عملية ستؤدي إلى تغيير كيفية عيش الكنيسة في المستقبل القريب”. واختتم رئيس أساقفة أبيدجان قائلاً إن القدرة على الاصغاء تأتي من الاعتراف المتبادل، الذي “يتيح لكل فرد أن يجد مكانه في حياة الجماعة الكنسية”.
كذلك تحدث الكاردينال المنتخب كيكوتشي عن الاصغاء، مشيرًا بشكل خاص إلى الخبرة التي عاشها في اليابان؛ وقال بين الدورتين السينودسيتين، أرسينا في بلدي أساسًا حقيقيًا للسينودسية”، حيث أُقيم “اجتماع وطني بمشاركة جميع الأبرشيات الخمس عشرة، والكهنة، والعلمانيين، والمتطوعين، والمشاركين في النشاطات المختلفة، وتم تعزيز حديثنا في الروح القدس، الذي نمارسه أيضًا هنا في الفاتيكان خلال هذه الأيام من أعمال السينودس”. إنَّ الهدف المشترك، كما أوضح الكاردينال المنتخب كيكوتشي، والذي هو أيضًا رئيس كاريتاس الدوليّة منذ أيار مايو ٢٠٢٣، هو “البحث عن أساس مشترك في إطار السينودسية، وإيجاده وبناءه”.
وتحدث المونسنيور خايمي سبينغلر عن المفاجأة التي شعر بها عند انتخابه كاردينالًا، وذلك في جوابه على أحد أسئلة الصحفيين، وقال كنت أقرأ كتابًا رائعًا لكارلو ماريا مارتيني بعنوان Sequela Christi عندما بدأ هاتفي يرن ويهتز. كنت أقرأ العديد من رسائل التهنئة ولم أكن أعلم السبب. ثم أخبرني الأصدقاء الذين كتبوا لي أن أشاهد صلاة التبشير الملائكي التي كان يترأسها البابا، لأنه كان يذكر اسمي، وحينها فهمت الأمر. بالطبع كانت فرحة هائلة، مع الوعي بأنّه أن تكون كاردينالًا يعني خدمة البابا والكنيسة. أنا ممتن جدًا للأب الأقدس، لأنه أتاح لي الفرصة للتعاون في هذه اللحظة الحساسة جدًا لتاريخ العالم، والبشريّة، والجماعة الكنسية.
في نهاية المداخلات، تم تخصيص وقت لأسئلة الصحافة. عندما سُئل الكاردينال المنتخب سبينغلر عن نمط الحوكمة الذي يجب أن يتبعه السينودس، أشار إلى “تعقيد” السؤال في عالم يعاني من “أزمة الديمقراطيات” التي تشمل “المؤسسات الوسيطة في المجتمع”، حيث تصبح “مسألة السلطة” حاسمة. واستشهد رئيس أساقفة بورتو أليغري بكلمات البابا بولس السادس، الذي أوضح أن الإنسان “يصغي إلى الشهود أكثر من المعلِّمين، وإذا أصغى إلى المعلمين، فلأنهم شهود”. لأنَّ السلطة لا تأتي من “عامل اجتماعي”، بل من شهادة “أخلاقية، دينية، ومعنوية”. وأعاد الكاردينال المنتخب كيكوتشي هذا المفهوم، مشددًا على ضرورة التخلي عن النمط “الهرمي” لصالح النمط “السينودسي”. لكن هذا لا يجب أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مبنية فقط على “التوافق”. وأوضح رئيس أساقفة طوكيو: يجب أن نتأكد من أننا نفهم السينودسية بالطريقة عينها، وأنه حتى من خلال “التمييز المشترك، لا بد أن يكون هناك شخص ما يتخذ القرارات النهائية”.
تم سؤال الكرادلة الثلاثة المنتخبين، الذين ينتمون إلى مناطق مختلفة تمامًا من العالم، عن سمة محددة لهويات جماعاتهم. واتفق الجميع على الالتزام بالمثالية السينودسية “لتبادل الهبات”. وقد لاحظ الكاردينال المنتخب كيكوتشي أن هذا التبادل “كان يتم سابقًا من الغرب إلى الشرق، من الدول الصناعية إلى الدول النامية”، مشيرًا إلى تحول في النموذج يرى أن تلك “الضواحي” التي يتحدث عنها البابا فرنسيس قد أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ حتى من القارة الأوروبية. ومن جانبه، أشار الكاردينال المنتخب بيسي دوغبو إلى الغنى “الروحي” للأبرشيات الإفريقية، حيث “يُعاش الإيمان بفرح”. وذكر رئيس أساقفة أبيدجان في ساحل العاج كيف أن الجماعة في قريته خرجت إلى الشوارع واحتفلت لدى سماعها لخبر انتخابه كاردينالاً. وأضاف: “يجب على إفريقيا أن تشارك هذا الفرح البسيط للأشخاص الفقراء والمتواضعين الذين يسعدون بالأمور الصغيرة”. أما الكاردينال المستقبلي سبينغلر، فقد لاحظ مساهمة المهاجرين “الألمان، والإيطاليين، والبولنديين، والأوكرانيين، واليابانيين”، في عملية تبشير أمريكا اللاتينية. ورغم أنهم غالبًا ما “خُدعوا” و”عانوا”، إلا أنهم كانوا يحملون “قيمة جميلة جدًا: وهي العزيمة”.
كما أجاب رئيس أساقفة بورتو أليغري على بعض الأسئلة المتعلقة بمنطقة الأمازون وإمكانية إنشاء طقس خاص لجماعات السكان الأصليين، حيث “تمر أشهر، بل حتى سنوات، بدون إقامة القداس الإلهي”. وفي إطار اتحاد مجلس أساقفة أمريكا اللاتينية لاذي يرأسه سبينغلر، هناك مجموعات تعمل على إمكانية هذا الدمج. بالإضافة إلى هذه الفرضية، توجد أيضًا فكرة “انثقاف” الطقس الروماني التقليدي في سكان تلك المناطق المحلية. وأكد الكاردينال المستقبلي سبينغلر على “كرامة” المؤمنين من السكان الأصليين في ممارسة الوظائف التقليدية. وقال: “هذه قيمة قد لا نراها أحيانًا في قداساتنا، مهما كانت احتفاليّة”.
هذا ولم تغب أيضًا الأسئلة المتعلقة بالتغير المناخي والأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات في منطقة ريو غراندي دو سول، التي تُعد أكبر كارثة طبيعية في تاريخها. واعتبر الكاردينال المنتخب سبينغلر أن العلاقة مع “البيت المشترك” تستحق اهتمامًا كبيرًا بين العلاقات التي يُحللها السينودس. ووفقًا له، فإن هذا الأمر يتطلب تعمقًا يذهب أبعد من مجرد التهديد لبقاء البشرية على قيد الحياة، ويكتسب “مستوى أعلى من الكرامة” عندما نعتبر الكوكب ثمرة للخليقة الإلهية.
وفي النهاية، تم سؤال رئيس أساقفة بورتو أليغري حول الموضوع “الحساس” الخاص بالبتوليّة فيما يتعلق بالكهنة. وعلق قائلاً: “هناك حاجة إلى الصراحة والانفتاح”، مشيرًا إلى حالة أحد الأساقفة الذي تم تعيينه في منطقة ريو زينغو، وسط البرازيل، وهي منطقة تبلغ ضعف مساحة إيطاليا. وفي اليوم التالي لاحتفال تنصيبه، “وجد نفسه ومعه كاهن واحد فقط”. ومن خلال خبرة”الشماسية الدائمة”، اختتم الكاردينال المستقبلي قائلاً: “ربما، في المستقبل، يمكن أن ينال هؤلاء الأشخاص السيامة الكهنوتية من أجل خدمة جماعة معينة”. الدرب؟ “لا أعرفها، ولكن يمكننا مواجهتها مع مراعاة الجوانب اللاهوتية وعلامات الأزمنة”.