السينودس: تركيز على إدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، دور المرأة، وحالة الطوارئ المناخية في البرازيل

مواضيع عديدة تم التطرق إليها خلال المؤتمر الصحفي المعتاد. حضر اللقاء الرئيسة العامة لراهبات الكرمل الرسولي، نيرمالا أليكس ماريا نازاريث، والكاردينال الفرنسيسكاني ليوناردو أولريش شتاينر، رئيس أساقفة ماناوس في البرازيل، والكاردينال المنتخب روبرتو ريبولي، رئيس أساقفة تورينو وأسقف سوسا.
بدأت أعمال السينودس صباح اليوم في قاعة بولس السادس، مع تذكر الشاعر البرازيلي خوسيه كارلوس دي سوزا – الذي كان يعيش في فقر تحت أروقة ساحة القديس بطرس وتوفي في أغسطس، وأقيمت جنازته هذا الصباح، هذا ما قاله باولو روفيني، عميد دائرة الاتصالات ورئيس اللجنة الإعلامية، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد عصر الثلاثاء في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي. وأشار روفيني إلى أنه عند الساعة السادسة والنصف مساء سيتم عرض فيلم “أنا الكابتن” في القاعة الجديدة للسينودس، وهو فيلم من إخراج ماتيو غاروني بحضور بعض الأبطال، وذلك بمبادرة من دائرة الثقافة والتعليم. وأفاد أيضًا بأن عدد الحضور في القاعة كان ٣٤٧ شخصًا، وقد شاركوا جميعًا في أعمال الدوائر الصغرى.
بشكل خاص، “شهد هذا الصباح صلاة وتأملات الأم ماريا إينياتزيا أنجليني وتقرير الكاردينال هولريش”، كما أوضحت شيلا بيرس، سكرتيرة اللجنة الإعلامية. أما فيما يتعلق بتأمل الراهبة البندكتية، فقد أبرزت بيرس عدة نقاط. أولها “الجذور الكنسية” والتي تعني أن “الكنيسة يجب أن تتجسد في سياق ملموس”. ثم تناولت “ديناميكية الإنجيل”، حيث “تمثل أماكن العلاقة فسحات للقاء الإنساني يمكن فيها للإنجيل أن يُعاش ويُعلن”. وأضافت بيرس: “أنَّ الكاردينال هولريش قد أكد في تقريره على أهمية الجزء الثالث من وثيقة العمل، الذي يركز على الأماكن”. كما أوضح روفيني، أن النقاش يتناول أماكن الرسالة بشكل ملموس مع نظرة إلى المدن، برؤية ديناميكية تشمل الهجرة أيضًا. بالإضافة إلى التفكير في “الأراضي التي نمشي عليها معًا”، و”الروابط التي تشكل وحدة الكنيسة” و”خدمة وحدة أسقف روما”. وأشار الكاردينال المقرر العام في مداخلته إلى أن “هذا الجزء يدعونا إلى التفكير في واقعية السياقات التي تعاش فيها العلاقات، ضد فكرة العالمية المجردة”. مضيفًا، كما ذكرت بيرس، أنّه ” لا يمكن فهمه الكنيسة بدون أن تكون متجذرة في مكان وثقافة”. وأضافت أن “نقطة أخرى مهمة هي الاعتراف بالعلاقات بين الأماكن والثقافات، حيث أنها ليست كيانات منفصلة بل مترابطة”. وفي الختام، أفادت أمينة سرِّ اللجنة الإعلامية بأن “الكاردينال هولريش قد دعا إلى التأمل حول الخبرات المشتركة، مشيرًا إلى أن نمو العلاقات داخل قاعة بولس السادس قد أغنى الجميع”. كما “ذكر المندوبين السينودسيين بألا يحتفظوا بهذه الخبرة لأنفسهم، بل أن يجعلوا غنى اللقاء السينودسي متاحًا لشعب الله”.
إنه “غنى ينمو في التنوع” ذلك التي يُعاش ويُحَسّ في السينودس: “خبرة فريدة”. هذا ما أكدته الرئيسة العامة لراهبات الكرمل الرسولي، نيرمالا أليكس ماريا نازاريت، وتحدثت الراهبة الهندية عن “الفرصة الاستثنائية” التي أتيحت للمشاركين في الجمعية السينودسية للدخول في علاقة مع العديد من ممثلي وأعضاء الكنائس المحلية من جميع أنحاء العالم. وقالت: “نشعر بالتشجيع في الروح السينودسي من الكلمات التي سمعناها في الرياضة الروحية ومن تأملات الأب تيموثي رادكليف والأخت ماريا إينياتزيا أنجليني”. وأضافت: “سيكون من المهم بالنسبة لنا الآن أن نفهم كيف نتواصل مع كنائس بلداننا عندما نعود إلى الوطن، رغم أننا نتعزّى الآن بقول الأم تيريزا دي كلكتا بأننا مدعوون للتعاون مع نعمة الله”. ولكن، اختتمت الأخت نيرمالا قائلة: “نشعر منذ الآن بأن لدينا آمالاً كبيرة: لقد بدأنا رحلة ولا يمكننا التراجع، بل علينا فقط أن ننظر إلى الأمام ونواصل المسيرة. والتحدي الحقيقي، من خلال التمييز، سيكون فهم كيفية القيام بذلك بأفضل طريقة ممكنة”.
بعدها تحدث الكاردينال الفرنسيسكاني ليوناردو أولريش شتاينر، رئيس أساقفة ماناوس في البرازيل، عن “مسارات جديدة تتفتح وتساعدنا على فهم ماهية السينودسية عمليًا”. وقال إن ما ينشأ الآن “هو طريقة جديدة لنكون كنيسة لكي نعلن ملكوت الله والإنجيل”. وأضاف أن هذه “عملية سنُدعى لعيشها، بشكل أكبر، بعد السينودس”. وأوضح أنه في البرازيل، على سبيل المثال، “قد بدأت هذه العملية: فالعديد من النساء في الأمازون هن قائدات لجماعاتهنَّ، وهناك العديد من الشمامسة الدائمين، باختصار، يشارك الجميع بنشاط في حياة الجماعات. ما نعيشه هنا، إذًا، يساعدنا على فهم السينودسية بشكل أفضل في كنيستنا المحلية”. في الختام، قال: “أعتقد أننا مدعوون لكي نعيش بشكل أكبر في ظل التعددية الثقافية والدينية، لأنّه على الكنيسة أن تكون متجذرة”. وخلص الكاردينال إلى القول إن “الأماكن التي تشكل موضوع الوحدة الرابعة من أعمال السينودس” هي تلك “التي نعيش فيها حياتنا اليومية وتساعدنا على فهم دورنا” داخل الكنيسة: على سبيل المثال، “لنسأل أنفسنا ما هو دور المجالس الأسقفية، وما هو دور المهاجرين… وما إلى هنالك”.
إن فهم كيفية إعادة إطلاق رسالة الإنجيل بشكل ملموس هو أحد التحديات الكبرى التي “تتجلى وستتجلى خلال أعمال هذه الأيام”، والتي “سنحملها إلى كنائسنا المحلية”. هذا ما قاله الكاردينال المنتخب روبرتو ريبولي، رئيس أساقفة تورينو وأسقف سوسا، الذي اعترف بأن كنيسته “تمر بمراحل تحول تحتاج إلى أن تُقرأ في ضوء السينودسية التي تُعاش هنا في روما، والتي من جهة أخرى، تساعده في فهم أفضل لما يحدث في قاعة بولس السادس”. في خبرته تأثر ريبولي، بشكل خاص ببعض العوامل: “أولاً، البعد الروحي للمشاركين: يظهر بوضوح أننا في خضم البحث عن صوت الروح القدس، حتى في صوت الأخ أو الأخت الذين يجلسون بجوارنا”. وثانيًا، “التآلف المتزايد بين الأعضاء، الذي يجعلنا ندرك كيف أن كل كلمة من أي شخص تحمل شيئًا مميزًا في تنوعها مقارنة بغيرها”. وأخيرًا، «نرى فعلاً الكاثوليكية الحقيقية للكنيسة، التي تتنفس حقًا من جميع الثقافات وهي مستعدة لتقديم الإنجيل أيضًا لثقافات مختلفة”.
ثم تم تخصيص فسحة لأسئلة الصحفيين، الذين ركزوا بشكل خاص على مواضيع مثل البيئة، العلاقة مع السينودس حول الأمازون، دور النساء داخل الكنيسة، وإدماج الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة. وبخصوص أزمة المناخ، تحدث الكاردينال شتاينر عن الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمازون حاليًا بسبب نقص الأمطار: “نحن بلا مياه منذ شهر، لم تعد الأنهار الكبيرة قابلة للملاحة، وبدون هذا النظام النهري الفعال، تبقى العديد من الجماعات معزولة. كما أن نقص المياه يؤثر على مناطق أخرى في البرازيل”. وأكمل الصورة عن هشاشة البيئة بالحديث عن الصيد الجائر وتلوث المياه الناتج عن الزئبق، الذي يهدد النظام البيئي الهش الذي يحتاج للحماية. وأضاف رئيس أساقفة ماناوس: “على الرغم من أننا لا نتناول هذا الموضوع بشكل محدد في السينودس، إلا أننا ندرك أن البيئة هي جزء من السينودسية كما أوضح البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي “Querida Amazonia”، حيث يرسم لها تفسيرًا شاملًا. وحتى على مستوى الأبرشية، نحن نعالج هذا الموضوع باهتمام”.
ورداً على سؤال حول استمرارية السينودس من أجل منطقة الأمازون، أوضح الكاردينال أن السينودس السابق وضع الأساس للقاء الحالي: “إن السينودسية ليس لديها نقطة عودة، نحن ندخل في حركة تمثل جوهر كوننا كنيسة، ودُعينا للمشاركة في طريقة لكي نكون كنيسة بفضل المعمودية، حيث يجب على الجميع أن يشعروا بالمسؤولية تجاه الرسالة. منذ خمس سنوات وأنا أعيش في الأمازون، ومنذ ٥٠ عامًا وأنا أعيش هذا المسار: لقد استشرنا أكثر من ألف جماعة لكي نفهم كيف نكون مرسلين بشكل أكبر، ولاسيما بفضل مشاركة العلمانيين”. وفيما يتعلق بدور النساء “الأساسي” في الكنيسة، شدد الكاردينال شتاينر على أن المنطقة البرازيلية التي ينتمي إليها — والتي عاش فيها الناس لأكثر من ١٠٠ عام بدون كهنة — “قامت الجماعات بتنظيم نفسها واستمرت في الصلاة. وكان لالنساء دور أساسي في هذه العملية”.
في الأبرشية الواسعة التي تمتد لأكثر من ٩٠ ألف كيلومتر مربع، “كثير من النساء هنَّ مسؤولات عن الجماعات، وهن يتولين أيضًا الخدمة المتعلقة بالإفخارستيا وكلمة الله، ويشاركن بنشاط في منظمة كاريتاس، وفي راعوية السجون، ومع المشردين”. وأمام العدد الكبير من المؤمنين — حيث يبلغ عدد سكان مدينة ماناوس وحدها ٢.٣ مليون نسمة، بينهم ٣٠ ألف فنزويلي و٧٥ ألف من السكان الأصليين — والحاجة الكبيرة للتواصل مع ثقافات متنوعة، فإن دور النساء ليس ثانويًا، حيث “تمثل النساء كنيستنا، والتي لن تكون كما هي بدونهن”. وفيما يخص مسألة الشماسية النسائية المثيرة للجدل، قال: “نود أن تتمكن حتى الجماعات البعيدة من الاحتفال ببعض الأسرار المقدسة، مثل المعمودية. إنَّ العديد من نسائنا يعتبرن شماسات بالنسبة لنا، رغم أنه غير معترف بهن رسميًا. نحن لا نملك مصطلحًا يناسب هذا الدور، لكنهن يقمن به وهذا أمر رائع. لماذا لا نستعيد السيامة الشماسية النسائية؟ لقد كان لدينا في السابق كنيسة بهذا الوجه، والشماسية النسائية يمكنخا أن تسير جنبًا إلى جنب مع الشماسية الذكورية. لا أعتقد أن المسألة تتعلق بالجنس، بل بالدعوة”.
ورداً على سؤال آخر حول إمكانية أن تقود النساء العظات، أجاب رئيس الأساقفة: “في الاحتفال بكلمة الله، يأتي التأمل دائماً من الله، وليس من رجل أو امرأة، بل إن الشخص يساعد فقط في ذلك”. وأيد هذا الرأي المونسنيور ريبولي قائلاً: “عندما تناول المجمع الفاتيكاني الثاني موضوع الإفخارستيا، وصفها بأنها “ذروة الحياة المسيحية”. وإذا تحدثنا عن ذروة، فهذا يعني أن هناك شيئًا يستند إليه. هناك العديد من اللاهوتيات، والتعليم المسيحي هو في الغالب في أيدي النساء: إنَّ الحاجة ليست إلى الفسحة وإنما إلى المسؤولية المشتركة بين الجميع”.
وفيما يتعلق بسؤال حول بتوليّة الكهنة — وهو أحد أكثر المواضيع التي تمّت مناقشتها في سينودس عام ٢٠١٩ الخاص بمنطقة الأمازون — أقر رئيس الأساقفة البرازيلي بالصعوبة في العمل مع ١٧٢ كاهناً فقط لألف جماعة، وضرورة التعمق في العلاقة بين الجماعة والخدمة. وأضاف الكاردينال المنتخب ريبولي أن وجود أساقفة من الكنائس الشرقية في الجمعية، الذين يكون بعضهم متزوجًا، يساهم في “إغناء تنوع أشكال الخدمة”، بينما أشارت الراهبة الهندية إلى أن بعض المواضيع في بلادها قد تحتاج إلى المزيد من الوقت. ثمّ تناول روفيني موضوع إدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، رداً على سؤال وقال: “على الأقل في دائرتي، يتم مناقشة الأمر، وسنرى في الأيام المقبلة إذا ما سيتم التحدث عنه في الجمعيّة العامة أيضًا. من المؤكد أن هذا الموضوع يهم الجميع، ويمكننا أن نفعل المزيد. لكن عندما نتحدث عن الأصغر والأكثر تهميشًا، نحن نتحدث أيضًا عن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
أخيرًا، تم طرح سؤال من الصحفيين حول جنازة الشاعر المشرد جوزيه كارلوس دي سوزا، الذي احتفل بها الكاردينال شتاينر هذا الصباح. وقال الكاردينال: “عندما سمعت عن حياته، لم أستطع إلا أن أذهب. تأثرت بشدة عندما رأيت أصدقاء جوزيه كارلوس، رفاقه في الشوارع، يقدمون كل منهم زهرة بينما كان النعش يدخل السيارة”. وخلص الكاردينال إلى القول في الفقر، وفي العدم، “توجد أخوة عميقة جدًا، أخوة إنجيلية. وحياة الله تُزهر حتى في الموت”.