السينودس، اقتراح جمعية كنسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط للإصغاء إلى المهاجرين

في المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم، ١٧ تشرين الأول أكتوبر، في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، تمت الإشارة إلى الإشادة الجماعية بعمل الكنائس الملتزمة براعوية التنقل البشري. ومن بين المواضيع التي برزت خلال الجلسات، التركيز على الشباب والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مع الأمل في تحقيق رابط أكبر بين الكوريا الرومانية والجماعات المحلية. غدًا، سيجتمع الكردينال هولريتش والكاردينال غرتيش، الأخت سالازار، والأسقف فلوريس مع بعض طلاب الجامعات لمناقشة المواضيع التي يناقشها السينودس.
إنَّ “أماكن السينودسية” ليست تلك المحمية أو المؤسساتية، بل هي “مفترقات طرق عاصفة يهب فيها الروح القدس”. ولهذا السبب، كما أشير في المؤتمر الصحفي الذي عقد في ١٧ تشرين الأول أكتوبر، في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، تم في القاعة اقتراح “جمعية كنسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط للإصغاء إلى أصوات المهاجرين”. وقد عبرت الجمعية العامة عن امتنانها لما تقوم به الكنائس لاستقبالهم وللهيكليات التي تربط فيما بينها في مجال القرب هذا.
هذا الصباح، كان الحاضرون في القاعة ٣٤٦ شخصًا، واستمرت المداخلات الحرة حول الموضوعين الثاني والثالث من وثيقة أداة العمل. وقد دُعي إلى إحياء دور الرعايا، وزيادة إشراك الشباب بشكل مباشر، وإيلاء اهتمام حقيقي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إنشاء مجلس خاص. وذكرت شيلا بيريس، أمينة سرّ لجنة الإعلام حول السينودس: “بدون إعادة تشكيل الرعايا إلى شبكات أو جماعات صغيرة متجاورة، تصبح السينودسية أبطأ وقد تصبح عنصرًا متمركزًا حول نفسه”. ثمَّ تمَّ تناول قضايا أخرى: مثل “الشبكات الافتراضية” مثل شبكة Talitha Kum، وكيفية ربطها بالمجالس الأسقفية؛ واقتراح منصة مشتركة للطلاب من مختلف الأديان الذين يدرسون في المدارس الكاثوليكية. وفي الواقع، سيشارك الطلاب بطريقة ما في سير السينودس عندما سيجتمع الكردينال هولريتش والكاردينال غرتيش، الأخت سالازار، والأسقف فلوريس مع بعض طلاب الجامعات لمناقشة المواضيع التي يناقشها السينودس.
من جهته أشار باولو روفيني عميد دائرة الاتصالات إلى الأهمية التي تُعطى لرسالة المكرّسين، والتي تُعد أساسية للخدمة نظرًا للأماكن التي تشهد آلامًا كبيرة أو تلك المتعلقة بالتربية حيث يعمل المكرسون. وبخصوص الموضوع الأساسي المتعلق بالعلاقة بين السينودسية والأولوية، تمت الإشارة إلى جوهر ما تمت مشاركته في المنتديات المفتوحة للجمهور يوم أمس. وأضاف روفيني: “نحتاج إلى مزيد من الواقعية، ومن المدهش إلى حد ما أنه بعد مرور سنوات عديدة على المجمع الفاتيكاني الثاني، لم يصبح الوضع اللاهوتي للمجالس الأسقفية أكثر وضوحًا”. كذلك تم تقديم اقتراح بزيادة التشاور مع الكنائس المحلية عند إعداد الوثائق، حتى من قبل الكوريا الرومانية. وتم أيضًا تشجيع العاملين في الدوائر على زيارة الجماعات الصغيرة والأبرشيات المختلفة بشكل متكرر، للحصول على نظرة ميدانية حول العمل الذي يتمُّ القيام به.
إنَّ التجديد الحقيقي للكنيسة هو التشبّه بيسوع الذي ذهب نحو الأشخاص. لذلك، يجب على الكنيسة أن تفعل الشيء نفسه، أن تتحرك، دون أن تنتظر الكنائس لكي تمتلئ. هذا ما قالته الأخت سامويلا ماريا ريغون، الرئيسة العامة لراهبات الأم الحزينة (إيطاليا)، في مداخلتها التي ذكرت فيها أن إحدى الخبرات التي أثرت فيها كثيراً في الجمعية السينودسية، هذا العام أيضاً، كانت الشمولية. “يمكن للمرء أن يدخل في تواصل مع واقع العالم الذي لا يتحدث عنه أحد ومع دعوات، ووظائف وأدوار مختلفة في الكنيسة”، قالت، مشيرة إلى أن ربع المشاركين هم من العلمانيين، الشباب، والمكرسين، وكلهم لديهم الفرصة لكي يتكلموا. إنها خطوة مهمة جدًّا، على الرغم من وجود توترات أيضاً بسبب مواقف مختلفة بشأن بعض المواضيع، لكنها أوضحت أن “الأمر لا يتعلق بالاستقطاب بل بتعدد الأقطاب. ربما نحن لسنا معتادين على العيش في هذه الأقطاب، مثل تلك بين الرجل والمرأة”. وأكدت الراهبة على ضرورة العودة إلى البعد التأسيسي للكنيسة: بناء علاقات أخوية. “لأنه ليس من البديهي أننا قادرون على إدارة العلاقات.”
كان للكاردينال تشارلز بو، رئيس أساقفة يانغون (ميانمار)، ورئيس اتحاد مجالس أساقفة آسيا، وعضو المجلس العادي، دور في تقديم لمحة موجزة عن تأثير المسيرة السينودسي في آسيا، والتي تزامنت جزئياً مع تنظيم زيارة البابا الأخيرة إلى القارة. إنَّ التجديد في الكنيسة الآسيوية ملموس من جوانب عدة: من المشاركة الأكبر للشباب في مجال البشارة الرقمية إلى استخدام أكبر للإبداع في العمل الراعوي، بالإضافة إلى محاولة تخطي الإكليروسيّة رغم بعض أشكال المقاومة من بعض الأساقفة الذين “يخشون أن يفقدوا السلطة والامتياز”. تتعلق المسألة أيضاً بحقيقة أنّه يتمُّ النظر إلى “التغييرات أحياناً كشيء مفروض من الخارج”. من ثم هناك مشكلة التوفيق بين الثقافات المختلفة، والحاجة إلى موارد أكبر، والتبشير الذي يواجه مسافات جغرافية طويلة جداً، وصعوبة تولي النساء أدوارًا قيادية، بسبب تأثير بعض الانتماءات الدينية. ولكن على الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن اتحاد مجالس أساقفة آسيا راضٍ، كما يقول الكاردينال، لأن “الكنيسة في آسيا تريد أن تصغي إلى الجميع، والسينودس الحالي هو خطوة مهمة جداً في هذا الاتجاه.”
يحتاج عالم اليوم إلى الاصغاء”، هذا ما قاله الكاردينال جيرالد سيبريان لاكروا، رئيس أساقفة كيبيك (كندا)، وهي مهارة “كان علينا اكتشافها”، ولاسيما “أن نصغي بشكل أفضل لمن هم مختلفون عنا”، في عالم، كما أشار، “تُستخدم فيه الأسلحة والقصف فقط لحل المشاكل. كنا بحاجة لأن نجلس معاً ليس كما نفعل في الشركات، وإنما لكي نصغي إلى الروح القدس، في بحث ليس عن نتائج، وإنما عن ثمار ملكوت الله”. فيما تمنى المطران بيدرو كارلوس شيبوليني، أسقف سانتو أندريه (البرازيل)، أن يُحدث السينودس تغييراً، ويتحدث عن ارتداد يتجه في ثلاث اتجاهات: في أسلوب ممارسة الرسالة، من خلال وسائل الإعلام مثلاً؛ في أسلوب فهم الهيكليات؛ وفي أسلوب تعميق الحياة الروحية. أما في الفسحة المخصصة للأسئلة فقد تمَّ التحدث عن اللامركزية بين روما ومجالس الأساقفة، وعن العلاقة بين زمن الاصغاء وتحقيق التغييرات.
إنَّ موضوع منح المزيد من الصلاحيات للكنائس المحلية “ليس وليد اليوم — كما أوضح روفيني — بل هو موضوع نقاش طويل في تاريخ الكنيسة، على الأقل منذ المجمع الفاتيكاني الثاني. ومن الطبيعي أن تكون هناك، وقد كانت بالفعل خلال هذه الأيام، مداخلات مختلفة، ولا تتوافق جميعها مع بعضها البعض: هناك حاجة إلى الصبر”. وأضافت الأخت ريغون: “الأمر الأساسي هو أن نُقرَّ جميعاً بالعقيدة عينها ونؤمن بالله الواحد والثالوث، ثم من الطبيعي أن نكون مدعوين اليوم إلى تكييف اللغة والأساليب مع المكان والزمان الذي نعيش فيه”. وبشأن النقطة المحددة المتعلقة ببعض الأجهزة الجماعية، مثل إمكانية جعل المجالس الرعوية إلزامية في الرعايا، قال الكاردينال لاكروا: “نعيش بالتأكيد بعض التوترات الإيجابية الجيدة، مع مواقف مختلفة تُظهر الحيوية، وبالتالي نحن مدعوون إلى أن نتحلى بموقف من الانفتاح المتبادل والاصغاء إلى ما يقوله لنا الله”. وفيما يتعلق بجعل العلاقة أكثر فعالية بين دوائر الكوريا الرومانية والمجالس الأسقفية والأبرشيات، أضاف: “لا يزال هناك طريق علينا أن نقطعه معاً، ولكن تم إحراز بعض التقدم”.
وقد تحدث البعض عن إمكانية إنشاء خدمة محددة للاصغاء “ولكن حتى هنا — كما قال روفيني — هناك تأملات مفتوحة، ونحن في انتظار تقارير الحلقات المصغّرة. هناك من يرغب في إنشاء خدمة مرتبطة بالكهنوت، وهناك من يفضل أن تكون خدمة عامة، لكن موهبة الاصغاء بالطبع لن تكون أبداً حصراً على البعض فقط”. وقد أيد الكاردينال بو هذه الرؤية قائلاً إن هذا السينودس “مختلف لأنه حقاً عملية، وأملي هو أنه مع الانتهاء من الأعمال، أن يفكر كل أسقف في أن يفتح سينودسًا أبرشيًّا في أبرشيته لمتابعة ما بدأناه”. وتابع المونسنيور شيبوليني قائلاً: “برأيي، إن الارتداد بطيء لأنه مرتبط بحرية كل فرد، ويحتاج إلى الوقت لأنه حوار مع الله. نعيش اليوم في مجتمع يريد فيه الجميع أن يتكلموا، ولكن ليس هناك من يصغي”. وفي الختام، أعلن روفيني أنه غداً ستُعقد اجتماعات بين مجموعات العمل الفردية وأعضاء السينودس الذين يرغبون في مناقشة المواضيع المحددة التي تمت معالجتها فيها. كما سيُعقد لقاء بين الكاردينالين جان-كلود هولريش وماريو غريتش، الأخت ليتيسيا سالازار، والأسقف دانييل فلوريس مع طلاب جامعيين لمناقشة المواضيع التي يناقشها السينودس.