ترأس غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠٢٣، في الصرح البطريركي في بكركي، مؤتمر الإعلان عن “اليوم العالمي للفقير” الذي اطلقه قداسة البابا فرنسيس بعنوان” لا تحول وجهك عن الفقراء”، داعيا “الكنيسة الى احيائه”، بحضور راعي ابرشية طرابلس المطران يوسف سويف، أمين عام مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الأب كلود ندره، رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبود، الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الام انطوانيت سعادة، امين عام المدارس الكاثوليكية في لبنان الأب يوسف نصر، مديرة جمعية مار منصور دوبول ايللا بيطار، وممثل عن منظمة oeuvre d’orient .
استهل المؤتمر بكلمة القاها البطريرك الراعي رحب فيها بالحضور وقال:” نحن اليوم نستعد للاحتفال باليوم العالمي السابع للفقير يوم الاحد المقبل في الصرح البطريركي في بكركي وفي جميع الرعايا والأبرشيات، ولكي نعيش هذا اليوم بمفهوميه الروحي والإجتماعي. ”
وتابع غبطته:” المفهوم الروحي نعني به خدمة الفقير التي تعني كل مسيحي بحكم مسيحيته ومسؤوليته ذلك ان الحياة المسيحية هي قائمة على اسس ثلاثة. الأساس الاول وهوسماع كلمة الله التي تعرفني الى وجه المسيح وهذا يعني نيل نعمة الخلاص والفداء من خلال خدمة الليتورجيا والأسرار. ولكن هذا الأمر لا يكفي لأن عليي الإنطلاق من القداس والإحتفال بسر المسيح الذي قدم ذاته ذبيحة فدا لكل الناس وقدم ذاته طعاما ومشربا لكل النفوس وهذا يعني انه عندما اترك القداس عليي عيش هذه المحبة الإجتماعية. لذلك واجب على كل مسيحي ان يعيش هذا البعد وان يعتني بالإخوة المحتاجين الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والأسير ليس بالمفهوم المادي فقط وانما ايضا بالمفهومين الروحي والمعنوي. ”
واضاف غبطته:” طريقنا الى الله تمر عبر الإنسان في حاجاته. وهذا اليوم الذي انشأه البابا فرنسيس قرره ليكون ملزما لكل مسيحي بحسب امكانياته ونتذكر في الإنجيل المراة التي قدمت الفلس وهي قدمت كل ما تملك ومدحها الرب يسوع لأنها اعطت اكثر مما تملك. نحن عندما نقول الكنيسة نفكر برجال الدين والمؤسسات الكنسية نعم هم على حق ولكن كل واحد منا من موقعه وحالته مسؤول عن مساعدة الفقير. الكنيسة لا تتراجع اطلاقا ونحن في اجتماع مجلس البطاركة والأساقفة نشدد على الدوام على دورنا ككنيسة ومؤسسات تابعة لها للعمل على مواجهة ما يعاني منه شعبنا. وهذا الإجتماع الذي عقدناه منذ مدة قررنا في خلاله إعطاء معنى ودفع اكبر لهذا اليوم العالمي للفقير مع العالم كله في 19 الحالي. لقدد رأينا ان الحاجات تزداد ونحن مهددون بالحرب الدائرة الى جانبنا واهالينا نزحوا من بيوتهم في الجنوب اي المزيد من الفقر. ان المؤسسات والعمل الإقتصادي متوقف فقررنا مبادرات اضافية واقامة الإحتفال يوم الأحد والطلب من كل الرعايا والأبرشيات تقديم مبالغ من الأموال بقدر امكانياتها وتقديم الصواني يوم الاحد لمساعدة اهلنا في الجنوب كما تم الإتصال بكل مؤسساتنا في هذا الإطار ايضا. وانتم تعلمون كيف ان هذه المؤسسات لم تقفل ابوابها بوجه احد من مستشفيات ومدارس وجامعات ونحن نعلم ماذا في الداخل. ومن كاريتاس لبنان طلبنا ايضا المشاركة والمساهمة هذا الجهاز الاجتماعي الرعوي الرسمي للكنيسة وللمساعدات الخارجية التي والذي يعمل وفق برامج متنوعة.”
وختم البطريرك الراعي:” يوم الأحد 19 هو يوم صلاة وتفكير ومحبة لكي نكون بجانب كل فقير سواء لدواء او استشفاء اوغيره. هذه الغاية التي من اجلنا قمنا بهذا المشروع بالتعاون مع oeuvre d’orient التي تساعد لبنان في المدارس والجامعات وحقول كثيرة. لقد ارادوا العيش معنا في هذا اليوم حيث التجمع الأكبر في بكركي، وقداسات الرعايا ستكون موجهة لهذا الموضوع والعنوان الأكبر ما قاله قداسة البابا”لا تحول وجهك عن الفقير،”
هذا موجه لكل واحد منا وعلينا ان نعطي السمع والعاطفة والسؤال، وليس المال فقط اذ انه لا يمكنني ادارة وجهي للمحتاج.”
وكان مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم قد قدم للمؤتمر مؤكدا ان “الكنيسة كانت ولا تزال وسوف تبقى اما للفقراء ولابنائها.”
بعدها تلا الأب ندره نداء اليوم العالمي السابع للفقراء الذي اصدره مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في دورته العادية السادسة والخمسون والذي دعا الى “مساعدة الفقراء والوقوف الى جانبهم وتأمين عيشهم بكرامة في ظل تقاعس الدولة وعدم تلبيتها للحد الأدنى من مقومات عيش الإنسان بكرامة في لبنان وسط ما يشهده من ازمات وصعوبات ولعل اهمها تداعيات الحرب في غزة وتأثيرها المباشر على ابناء القرى الجنوبية ما دفعهم الى ترك ارضهم وبيوتهم والنزوح.”
وكانت كلمة للمطران يوسف سويف المنتدب من مجلس البطاركة والأساقفة لخدمة المحبة في الداخل والخارج والتي شدد فيها على” اهمية التحضير لليوم العالمي للفقير يوم الاحد المقبل مشيرا الى اهمية هذا اليوم وتميزه بالنسبة للكنيسة في لبنان التي تعيش اختبار الفقير ومساعدته منذ عهود ولكنها اليوم وبوحي من كلام قداسة البابا فرنسيس ” لا تحول وجهك عن الفقير”، وبروح مجلس البطاركة والأساقفة حيث كان النداء اطلقت الصرخة لذواتنا ومن ثم للناس وللمسؤولين والقيمين انها صرخة باسم الفقراء ليس فقط في لبنان وانما في المنطقة كلها.”
وتابع سويف:” يوم الأحد هو يوم صلاة للإحتفال بذبيحة الإفخارستيا والمحبة من خلال شهادات محبة والشكر للمؤسسات التي تحرك قضية المجتمع في قلب الكنيسة. على صعيد الكنيسة لا يمكننا ان نكون معمدين ونمر بشكل لا مبالي على اخوة فقراء. الأيمان يقتضي المبادرة الحسنة مع اي فعل وعلاقة الحب العامودية مع الله لا تكتمل من دون العلاقة الأفقية الجيدة مع اخي الإنسان وهذا اليوم هو يوم انساني عالمي وليس كنسي فقط وهذه روحانية كل الأديان وليس المسيحية فقط.”
وختم سويف:” نحن في ازمة اقتصادية خانقة وهذا اليوم هو يوم صلاة ودعوة لكل مسؤول ونحن ننحني امام الشعب اللبناني ولا سيما المغترب منه والذي مع الأزمة الخانقة التي نمر بها لم يترك اهله بل قدم ولا يزال المساعدة التي ساهمت في ابقاء لبنان بخير كذلك قدمت الكنيسة مبادرات كثيرة هي ايضا ساعدت اللبنانيين على الصمود ولكن نكرر لا يمكن للكنيسة ان تحل محل الدولة المعنية هي بالفقراء وبكل الناس. وبالتالي لا يمكننا اليوم العمل للخير الخاص فهذه قمة الانانية بل على الجميع العمل للخير العام وان يكون يوم الأحد يوم صحوة لكل المعنيين والمسؤولين لعيش روح التضامن والأخوة وليس الفئوية الضيقة.”
والقت الأم ماري انطوانيت سعادة كلمة شددت فيها على “دور المؤسسات الكنسية في مساعدة الفقراء ومحاربتها في سبيل الصحة والتعليم والاستشفاء،” لافتة الى ان “غرق المؤسسات الكنسية سيغرق معه الآلاف من الفقراء والذين يعملون معها من اطباء ومهندسين وعاملين وممرضين وغيرهم فالرزوح تحت عبء الحاجة والعوز لن يرحم احدا. لذلك نحن نجدد التزامنا بمحاربة الفقر بكل ما اتيح لنا من وسائل.”
ثم لفتت مديرة جمعية مار منصور دي بول ايللا بيطار الى ان “الجمعيات الكنسية لا يمكنها القيام مكان الدولة المتقاعسة. وهذه الجمعيات لم تقفل ابوابها يوما في وجه المحتاجين على انواعهم وهي تؤكد انها لن تستسلم ابدا وستبقى ابوابها مفتوحة امام المتألم والمحتاج وستساعد الإنسان للعيش بكرامته.”
امين عام المدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر، قال:” الأزمات المتلاحقة التي تضرب لبنان وآخرها الحرب في غزة اقفلت بسببها مدارس كاثوليكية وتداعياتها باتت خطيرة على المجتمع اللبناني كله. المجتمع التربوي مهدد بالإفلاس وعلينا التحرك لإنقاذه والا فاننا سنخسر ثروتنا الشبابية المثقفة والمنتجة . هذا القطاع المهدد يصارع الموت ولكننا سنجدد ونؤكد انه لن ينهار ولن يتوقف بفضل الخيرين الذين آمنوا بلبنان وابنائه المثقفين ومدارسه التي لم تبخل يوما بعطاءاتها وسط اصعب الظروف. كلنا مدعو للمشاركة يوم الأحد بهذا اليوم المهم للمساعدة ودعم كل المحتاجين على اختلاف مشاربهم.”
وفي الختام عرض بيتر محفوظ من كاريتاس لبنان للآلية اللوجستية يوم الأحد وللبرنامج وتنظيمه الذي ينطلق عند الثامنة صباح.