الراعي في عيد الغطاس: لا بدّ من انتخاب رئيسٍ يكون على مستوى هذه الأوضاع

عظة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي
بكركي – الإثنين 6 كانون الثاني 2025
عيد الغطاس
“لـمّا اعتمد الشعب كلّه، اعتمد يسوع أيضًا” (لو 3: 21).
1. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد معموديّة يسوع على يد يوحنّا المعمدان في نهر الأردنّ. ويُسمّى هذا العيد بإسمين: الغطاس وهو النزول في الماء وقبول المعموديّة، والدنح لفظة آراميّة-سريانيّة، تعني الظهور. فيوم اعتمد الربّ يسوع انفتحت السماء وظهر الثالوث الأقدس: الآب بالصوت من السماء: “هذا هو ابني الحبيب فله اسمعوا”، والإبن هو يسوع، والروح القدس الذي حلّ عليه بشبه حمامة.
نتذكّر في هذا اليوم معموديّتنا من الماء والروح، وهي الولادة التي نصبح بها أبناء وبنات الله، وأعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، وهيكلًا للروح القدس. فلنجدّد مواعيد المعموديّة، فيما نبارك المياه ونتّخذها بركةً إلى بيوتنا.
2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، وأن أهنّئكم بالعيد الذي يعتبر خاتمة الأعياد الميلاديّة، وأن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة.
3. مشى يسوع نحو يوحنّا مع الخطأة لا لأنّه خاطئ، بل لكي يتضامن معهم ويحمل خطاياهم، ويكفّر عنها. إنّه الإله الغنيّ بالرحمة الذي يقارب الضعفاء ليرفعهم من ضعفهم، تمامًا كما قارب المرضى والمعوّقين والمسكونين بالأرواح الشريرة وشفاهم؛ وكما لمس الأبرص وطهّره، ولمس عينيّ الأعمى وفتحهما، ولمس نعش ابن الأرملة (لو 7: 14-15) وناداه وأقامه؛ ونادى لعازر من القبر وأقامه بعد أربعة أيّام (يو 11: 41-44).
خضع لمعموديّة يوحنّا كإنسان يتمّم كلّ برّ وكلّ تواضع في الخضوع للشريعة. وكونه كاملًا كإله أوصل شريعة معموديّة يوحنّا إلى كمالها، وبنزوله إلى مياه الأردنّ قدّسها، واستبق عمل روحه القدّوس الذي سيحلّ على مياه المعموديّة ويجعلها الحشا الجديد الذي يولد منه أبناء الله وبناته، بالولادة الثانية.
4. وكانت شهادة السماء أنّ يسوع هو ابن الله، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، وليس واحدًا من الخطأة.
“وفيما هو يصلّي نزل عليه الروح القدس بشبه حمامة وجاء صوت من السماء يقول: “هذا هو ابني الحبيب” (لو 3: 21-22). ما إن طلع من الماء حتّى نزل عليه الروح وكان الصوت السماويّ. هذا يعني أنّه طلع من الماء ابنًا لله، للدلالة أنّ الذين سيعتمدون بمعموديّة المسيح، إنّما يخرجون منها أبناءً لله، للدلالة أنّ الذين سيعتمدون بمعموديّة المسيح، إنّما يخرجون منها أبناءً وبناتٍ لله، أي إنسانًا جديدًا، يرتقي دائمًا في الفضيلة، ويرتفع دائمًا إلى مستوى كرامة وحريّة أبناء الله.
5. أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، ثلاثة أيّام فقط تفصلنا عن التاسع من هذا الشهر، يوم يلتئم المجلس النيابيّ، وينتخب رئيسًا للجمهوريّة بعد فراغ رئاسيّ دام سنتين وأكثر من شهرين. فنتأمّل أن يتّفق السادة النوّاب على انتخاب شخصيّة مميّزة تنعم في آن بثقة اللبنانيّين والدول الصديقة. فنظرًا للأوضاع الداخلية والإقليميّة المضطربة، لا بدّ من انتخاب رئيسٍ يكون على مستوى هذه الأوضاع ليقود لبنان إلى حسن الالتفاف والعمل معًا على حسن مقاربتها بحكمة وروح سلاميّ وحلول موضوعيّة.
ولنصلِّ على هذه النيّة، ومن أجل العيش بسلام دائم وعادل ونهائيّ. ونرفع نشيد المجد والشكر للآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين.