الخطيب في مؤتمر “مساحات مشتركة بين الأديان في الشرق الأوسط”: المشكلة ليست في التنوع الديني الذي يدعو الى التعايش والتسامح بل في التسييس الطائفي والمذهبي

شارك نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب في مؤتمر “مساحات مشتركة بين الأديان في الشرق الأوسط”، عبر كلمة مسجلة قال فيها: “في البداية لا بد لي من توجيه الشكر إلى صاحب الغبطة البطريرك اليازجي والقائمين على الدعوة لي للمشاركة بكلمة مصورة في هذا المؤتمر، والتحية للسادة المشاركين، وأنوه بإقامته في هذه الظروف الحساسة والدقيقة التي يمر بها وطننا العزيز لبنان ومنطقتنا وبالاخص ما يتعرض له الشعب الفلسطيني واهلنا الكرام في غزة من جرائم وحشية ضد الانسانية تدينها جميع الديانات والقوانين والاعراف الدولية التي يرتكبها العدو الصهيوني، محميا من القوى الغربية ويقف مجلس الامن والمؤسسات الدولية في مظهر العاجز، حتى عن القيام بما تقتضيه المسؤولية القانونية والمواثيق الدولية الموقع عليها من جميع الدول الأعضاء بما فيها الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي”.
أضاف: “يأتي هذا العدوان وهذه الممارسات لحماية الكيان الصهيوني بعد سلسلة من الاحداث الممنهجة من إثارة الفتن الداخلية تحت عناوين طائفية في إطار مخطط لتفكيك دول المنطقة الى دول طائفية ومذهبية حماية لهذا الكيان الهجين الذي يشكل قاعدة لحماية المصالح الغربية”.
وتابع: “عاشت شعوبنا في هذه المنطقة ولم يكن التنوع الديني سببا في الشقاق والخلاف في اي مرحلة من المراحل لان الاديان في جوهرها واحدة تشترك معا في الدعوة إلى عبادة الإله الواحد وفي الحفاظ على القيم الانسانية والاخلاقية في اطار من المحبة والتسامح. قال الله تعالى: “قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وفي المسيحية ورد في القرآن الكريم (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ). والتزم مع أهل الكتاب منهج الدعوة إلى الحوار فقال تعالى يأمر النبي محمد (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.) (العنكبوت:46) وقال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ). ويعتبر الإسلام ان الدين كله لله وملخصه التسليم له (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ)”
وقال: “ايها الأخوة ان المشكلة ليست في التنوع الديني بل وحتى المذهبي الذي هو سمة مشتركة لدى كل الديانات الابراهيمية وإنما في تحويلها إلى عصبيات واستخدام الدين والطوائف والمذاهب لغايات سياسية ولمصالح طائفية ومذهبية، فالمشكلة ليست في التنوع الديني الذي يدعو الى التعايش والتسامح بل في التسييس الطائفي والمذهبي وتحويل الاديان والمذاهب إلى قبائل وفي الاستجابة للمخاوف التي يبثها المستفيدون من الخلاف الطائفي والانقسامات الداخلية لإضعاف المناعة أمام التحديات المتعددة التي تعاني منها بلاد المشرق وخصوصا في لبنان ليبقى بوابة للنفوذ الغربي للتآمر على شعوبنا”.
أضاف: “نرجو أن يتمكن المخلصون من أبناء هذه المنطقة من كل الديانات والمذاهب أن يرتقوا بأبنائهم للوصول إلى الفهم الحقيقي للدين ووظيفته في خدمة الإنسان والقيم الانسانية والأخلاقية التي تعمل الثقافة الغربية على مسخها والقضاء عليها كما المجتمعات البشرية وتحقيق السلام المنشود على أرضنا لمنع أعداء شعوبنا من استغلال الدين لأغراضهم الخبيثة وتحقيق مشاريعهم الاستعمارية لنهب خيراتنا، وتعمل على تقسيم وتجزئة بلداننا على أسس طائفية ومذهبية أو طرح الفيديرالية وغيرها عناوين تخريبية تحت ذرائع واهية ومفتعلة منها موضوع المقاومة والسلاح الذي كان لسد الفراغ والتقصير والعجز الذي أبدته الدولة في الدفاع عن سيادتها وكرامة شعبها، والذي ما زال موجودا وقائما في مواجهة الوحش الصهيوني يرتفع معه الشهداء الذي تستحق معه المقاومة الثناء وتكريم الشهداء بدل إثارة الفتنة بين المؤمنين من أبناء البلد الواحد، ويستدعي ذلك التفاهم لملأ الفراغ في المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية حتى تستقيم الأمور وتتهيأ الأرضية لرسم استراتجية دفاعية قادرة على الدفاع عن لبنان بدل توجيه الاتهامات واثارة النعرات والطروحات والاكتفاء بالطروحات السلبية”.
وختم: “أرجو لمؤتمركم التوفيق في الوصول إلى أهدافه بتقريب المسافات وتوثيق العلاقات بين أبناء بلدنا ومشرقنا العزيز”.