في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الخميس 15 آب 2024، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد انتقال السيّدة العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء وبركتها للكروم، وذلك في باحة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.
شارك في القداس الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية، ومن أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وأعضاء الحركات الشبابية الثلاث: مار شربل – درعون، ومار شربل – بيروت، ومار بهنام وسارة – الفنار، وجموع غفيرة من المؤمنين من مختلف الرعايا في الأبرشية البطريركية في لبنان، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان “ܐܰܝܟ ܡܶܠܬܳܐ ܕܺܝܠܶܟܝ ܝܳܠܕܰܬ ܐܰܠܳܗܳܐ ܟܽܠܗܶܝܢ ܫܰܪ̈ܒܳܬܳܐ ܛܽܘܒܳܐ ܝܳܗܒ̈ܳܢ ܠܶܟܝ”، تحدّث غبطة البطريرك عن “هذا النشيد الرائع الذي سمعناه للتوّ بالسريانية، ومعناه: بحسب قولكِ يا والدة الإله، كلّ القبائل تعطيكِ الطوبى. في هذا المساء، نحتفل بعيد انتقال أمّنا مريم العذراء إلى السماء بالنفس والجسد، ونسمّيه بالسريانية أيضاً ܢܝܳܚܬܳܐ النياح أي الراحة السماوية التي ميّز الرب يسوع أمَّه بها، أن نقلها إليه في السماء. نعم، تحتفل الكنيسة بهذا العيد في العالم أجمع، شرقاً وغرباً، العالم كلّه يُحيي أكبر أعياد أمّنا مريم العذراء، عيد انتقالها إلى السماء، وتكليلها سلطانةً على السماء والأرض”.
ونوّه غبطته إلى أنّه “مساءٌ مفرحٌ لنا جميعاً، نحن مسرورون جداً لأنّنا نلتقي معاً، فقد أتيتم من عدّة رعايا وعدّة بلدان، من رعايا الأبرشية البطريركية في لبنان، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان، فضلاً عن وفود من العراق وسوريا، كما من بلدان الاغتراب. وهذا يملأ قلوبنا جميعاً بالفرح، لأنّ هذا العيد هو عيد هذا الدير البطريركي العامر، دير سيّدة النجاة – الشرفة، والذي رمّمناه مرّات عديدة، وكان آخر ترميم له منذ سنة، حيث رمّمنا كلّ الجدران والشبابيك، وحرصنا على المحافظة على إرث الآباء بشكل لائق لحياة الإكليريكيين الذين يسكنون فيه، وجميع الذين يقصدونه من آباء الكنيسة والإكليروس والمؤمنين والزوّار، كي يظلّ دائماً منارةً تشعّ بنور الرب يسوع المسيح، رغم كلّ ما يحلّ بنا هنا في لبنان، نتيجة الظروف الأمنية والإقتصادية، كما في بلدان الشرق الأوسط”.
ولفت غبطته إلى أنّه “لا يمكننا أن ننسى اليوم الوضع المخيف الذي نعيشه ككنيسة سريانية كاثوليكية، فصحيح أنّ المسيحيين في لبنان وسوريا والعراق يعيشون نوعاً من النكبات المتتالية، لكنّ كنيستنا، وبما أنّها من أصغر الكنائس وأكثرها انتشاراً، عانت الكثير. فقبل أسبوع، وتحديداً ليل 6-7 آب، أحيينا الذكرى السنوية العاشرة للعملية الإجرامية بتهجير أهلنا وأبنائنا من سهل نينوى في العراق. نتذكّر هذه النكبة بألم ومرارة في القلب، هذا التهجير المخيف الذي أجبر الآلاف من عائلاتنا على ترك الأرض الأصلية التي نشأوا فيها”.
وأشار غبطته إلى أنّنا “نفرح لأنّ أبناءنا الذين أُرغِموا على هجرة أرض الآباء والأجداد استطاعوا أن يصلوا إلى بلاد تؤمّن لهم الحرّية الدينية والكرامة الإنسانية بعيش مطمئنّ وبسلام، لكنّ غيابهم عن أرضهم الأصلية في الشرق هو خسارة لنا، لأنّ أغلبيتهم لن تعود، وللأسف. ومع ذلك نعيش الرجاء، لأنّنا شعب الرجاء، وأينما كنّا، فالرب يمنحنا النِّعَم التي نحتاجها. وأمّنا مريم العذراء، شفيعة هذا الدير، سيّدة النجاة، سيّدة الانتقال، هي ترافقنا، سواء كنّا هنا متجذّرين في أراضينا، أو كنّا في بلاد المهجر، فأينما كنا نحن أبناء هذه الأمّ السماوية”.
وتضرّع غبطته “إلى الرب يسوع، بكلّ تواضع وخشوع وبثقة بنوية، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء التي نحتفل اليوم بعيد انتقالها إلى السماء، كي يحمي أولادنا وشبابنا وكبارنا المسنّين الذين ربّما يعيشون منفردين وحدهم بعدما غادرهم أولادهم، وكي يحمي عائلاتنا لتبقى متمسّكةً بأنّ العائلة مكوَّنة من أب وأمّ يعيشان مع الأولاد حياة صالحة بحسب قلب الرب يسوع المسيح مخلّصنا”.
وختم غبطته موعظته سائلاً “أمّنا السماوية مريم العذراء، سيّدة الانتقال، أن تشفع فينا وتحمينا وترافقنا أينما كنّا، كي نمجّد الرب، أكنّا على هذه الفانية، أو على طريق الملكوت”.
وبعد البركة الختامية، أقام غبطته تشمشت (خدمة) والدة الإله مريم العذراء. ثمّ بارك غبطته العنب والثمار والفواكه، وجرى توزيعها على المؤمنين بهذه المناسبة المباركة.