البطريرك يونان يحتفل بالقداس لإرسالية يسوع الفادي السريانية الكاثوليكية في مدينة ليلّ – فرنسا

في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الأربعاء 26 حزيران 2024، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي لإرسالية يسوع الفادي السريانية الكاثوليكية في مدينة ليلّ Lille – فرنسا.
عاون غبطتَه أصحابُ السيادة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، والخوراسقف سعدي خضر كاهن رعايا وإرساليات هولندا، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب مجيد عطالله كاهن رعية ليون وإرسالية ليلّ، والأب توما حبّابة كاهن إرسالية بروكسل – بلجيكا. وخدم القداس الشمامسة، وفي مقدّمتهم الشمّاس (الإنجيلي) جبرائيل عطالله القادم من هولندا، وأعضاء الجوق، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء هذه الإرسالية، والذين قَدِموا بكلّ فرح وبلهفة بنوية لاستقبال غبطته ونيل بركته والمشاركة في هذا القداس.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان: “ܘܶܐܢܗܽܘ ܕܰܠܫܽܘܒܩܳܢܳܐ ܠܳܐ ܫܳܘܶܐ ܐ̱ܢܳܐ܆ ܚܽܘܣ ܥܠܰܝ ܡܶܛܽܠ ܦܰܓܪܳܟ ܘܰܕܡܳܟ ܕܰܛܡܺܝܪ ܒܺܝ”، وهو من أناشيد الإشحيم، أي كتاب الصلوات اليومية الفرضية، وترجمته: “وإن كنتُ غير مستحقٍّ المغفرة، فأشفِق عليّ لأنّ جسدكَ ودمكَ مطموران فيّ”، تحدّث غبطة البطريرك عمّا “سمعناه من رسالة بولس إلى أهل كورنثوس، حيث يذكّر الكورنثيين قائلاً لهم: أنتم هيكل الله، وبما أنّنا نحن الذين تعمَّدْنا وتناوَلْنا جسد الرب، نصبح هيكل الله، فالهيكل يضمّ الله، لذا نقول بأنّنا نذهب إلى الكنيسة، إلى بيت الله”.
ونوّه غبطته إلى أنّها “مناسبة جميلة جداً أن نكون معكم في هذا المساء، ونترأّس الذبيحة الإلهية، يرافقنا ثلاثة من إخوتنا رؤساء الأساقفة، ومعنا الآباء الكهنة، ومن بينهم الأب مجيد عطالله الذي يخدمكم منذ قرابة السنتين، متحمّلاً مشاقّ السفر من ليون إليكم، ككاهن رسول. كلّكم، ونحن أيضاً معكم، نشعر بالحرارة، أولاً حرارة الإيمان، وثانياً حرارة الشمس التي جلبناها إليكم معنا من الشرق، حيث هناك اليوم حرارة شديدة، وتحتاجون هنا في فرنسا وفي أوروبا عامّةً إلى حرارة الشمس”.
ولفت غبطته إلى أنّ “إرسالية يسوع الفادي في ليلّ عزيزة على قلوبنا جميعاً، صحيح لم يكن في وسعنا أن نؤمّن كاهناً دائماً لهذه الإرسالية، واليوم نحن، مع إخوتنا رؤساء الأساقفة والكهنة، نحتفل بالقداس في الكنيسة العاشرة لنا في فرنسا، صدّقونا لقد قمنا بمراثون كبير جداً، أسفار طويلة، كي نتفقّد شؤون أولادنا الذين انتشروا في كنيسة الانتشار في الغربة، وهذا ليس سهلاً، وسنعود غداً إلى بيروت، إن شاء الله، ونحن ممتلئون فرحاً لأنّنا التقينا بكم في آخر قداس نقيمه لكنائسنا في فرنسا خلال هذه الزيارة الأبوية التفقّدية”.
وأكّد غبطته أنّنا “نفتخر بكم لأنّكم تحافظون على الإيمان وعلى أخلاقنا المسيحية وعلى قدسية العائلة من رجل وامرأة، أب وأمّ وأولاد، مهما يقول الغير عن العائلة، ومهما كانت الأفكار والإيديولوجيات والعادات، فنحن نعتبر أنّ الخالق أوجد العائلة عندما خلق الرجل والمرأة، وأوصاهما أن يكثرا وينميا. ممّا يعني أنّ العائلة، منذ بدء الخليقة، وليس فقط في المسيحية، بل في كلّ الديانات، العائلة مكوَّنة من رجل وامرأة، مع احترامنا لكلّ ما يقوله البعض اليوم في ما يُسمَّى الثقافة الغربية”.
وشدّد غبطته على أنّنا “نعتزّ بكم لأنّكم حافظتم على هذا الإيمان وهذه الأمانة لآبائكم وأجدادكم في الشرق، وقد أتيتم إلى هذا البلد الذي يؤمّن لكم الحرّية الدينية والكرامة الإنسانية، فأنتم بشر، ويحقّ لكم أن تتمتّعوا بكامل الحقوق مثل غيركم، وهذا الأمر يفرحنا. ولكن، من ناحية أخرى، نوصيكم ألا تنسوا جذوركم، لا تنسوا من أين أنتم، من العراق وسوريا ولبنان والشرق، حيث قدّم آباؤنا وأجدادنا وأهلنا التضحيات الكثيرة كي يحافظوا على إيمانهم، وعلى أولادنا وشبّاننا وشابّاتنا أن يفتخروا لأنّهم أولاد وأحفاد هؤلاء الشهداء والمعترفين بالإيمان. وأنتم تعرفون جيّداً ما حصل في العراق من مآسٍ، أكان في بغداد من حوالي 14 سنة، أو في سهل نينوى والموصل من 10 سنوات، أو في سوريا أيضاً، كما في لبنان سابقاً وحالياً”.
ورفع غبطته “الصلاة معكم ومن أجلكم، ونسألكم أن تصلّوا معنا كي يؤمّن الرب لكم الكاهن الرسول الذي يودّ أن يخدمكم ويضحّي من أجلكم، ولا يفتّش عن مصلحة ذاتية أو عائلية أو كرامة له شخصياً، بل يخدمكم خدمة الرسل الذين كانوا يبذلون كلّ ما لهم دون أيّ حساب”.
وأشار غبطته إلى أنّه “قبل أن نأتي إلى هذه الكنيسة، التقينا مع سيادة المطران الجديد لأبرشية ليلّ اللاتينية، وتحدّثنا معه عنكم، وفَرِحَ بأنّكم تبقون أمناء للرب يسوع، وأعلمناه بحاجتكم الملحّة إلى كنيسة وقاعة وغرف للتعليم المسيحي. فوعدَنا سيادتُه أن يسعى كلّ جهده ليؤمّن لكم كلّ ما تحتاجونه كي تبقوا أمناء للرب وللكنيسة. وإن شاء الله تتحقّق هذه الرغبة والأمنية بكنيسة تقدر أن تؤمّن لكم كلّ ما تحتاجونه من خدمة راعوية”.
وذكّر غبطته المؤمنين أنّنا “نبقى أمناء للرب يسوع وللكنيسة، وأنتم، أيّها الأطفال والشبّان والشابّات الأعزّاء، نبقى فخورين بكم، إذ تأتون إلى الكنيسة مع أهلكم كي تصلّوا معهم، ولو أنّكم لا تفهمون معاني كلّ الصلوات التي نؤدّيها، إلا أنّنا مسرورون أن تكونوا أولئك الأولاد الأمناء لتراثهم ولمنابع كنيستهم العريقة في القِدَم منذ عهد الرسل والآباء الأوَّلين”.
وختم غبطته موعظته بأمنية طالباً من المؤمنين العمل على تحقيقها، فقال: “الكنيسة الأولى في أنطاكية، حسبما يخبرنا سفر أعمال الرسل، وهو الكتاب الخامس من كُتُب العهد الجديد، وقد كَتَبَه مار لوقا الأنطاكي، السرياني، والذي يقول لنا بأنّ رسل الرب يسوع وتلاميذه، أي المسيحيين في ذلك الوقت، في القرن الأول، كانوا يُعرَفون بأنّهم تلاميذ الرب يسوع من خلال محبّتهم، الواحد تجاه الآخر، لقد كانوا يحبّون بعضهم بعضاً، وهذا كان أمراً غريباً عن المجتمع في أيّامهم. فالمسيحيون يُعرَفون أنّهم تلاميذ الرب يسوع حين يحبّون بعضهم بعضاً، مهما كانت الظروف وأسباب الاختلافات بالآراء. هذا ما نطلبه لكم على الدوام من الرب يسوع فادينا، بشفاعة مريم العذراء أمّه السماوية وأمّنا، وجميع القديسين والشهداء”.
وكان الأب مجيد عطالله قد ألقى كلمة رحّب فيها بقدوم غبطته وبريارته الأبوية، باسم أبناء الإرسالية، وقدّم لمحة سريعة عن تاريخ تأسيس هذه الإرسالية التي بدأت بذرتها الأولى عام 2016، وهي تجمع أبناءها وبناتها وتعيش اليوم وكأنّها عائلة واحدة، متمنّياً أن تنعم هذه الإرسالية بكاهن متفرّغ لها قريباً، ليقوم بتأمين خدمة المؤمنين في ليلّ والمدن القريبة منها.
وأعرب عن اعتزازه بهذه الزيارة الأبوية، وافتخار المؤمنين برؤية غبطته، سائلاً “الله أن يمدّ بعمره ويديمه رأساً وفخراً للكنيسة السريانية في العالم، والتي تفتخر به، وترجو أن تنال بركته الأبوية على الدوام”، شاكراً حضور أصحاب السيادة والآباء الكهنة وجميع أبناء وبنات الإرسالية من شمامسة ومؤمنين.
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، توجّه إلى الباحة الخارجية للكنيسة، حيث التقى بالمؤمنين في لقاء أبوي جميل، جمع الأب بأبنائه الروحيين، في جوّ عائلي من المحبّة والفرح الروحي.