في تمام الساعة السادسة من مساء يوم السبت 22 حزيران 2024، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي في كنيسة العائلة المقدسة في مدينة ليون Lyon – فرنسا.
عاون غبطتَه أصحابُ السيادة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب مجيد عطالله كاهن الرعية. وخدم القداس الشمامسة وأعضاء الجوق، بحضور ومشاركة جمع غفير من المؤمنين في مدينة ليون، والذين حضروا بشوق لنيل بركة غبطته والمشاركة في هذا القداس.
كما حضر القداس الأب متّي صليبا كاهن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مدينة ليون على رأس وفد من المجلّس الملّي في كنيسته، في علامة محبّة وأخوّة مع كنيستنا في هذه المدينة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان “ملكوت الله ليس بالكلام بل بالعمل”، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه وسروره “بالعودة إلى زيارتكم بعد سنة ونيّف، حيث رأينا ولمسنا التقدُّم الذي حصل بهمّة الأب مجيد المخصَّص لخدمتكم، وهذا الأمر يملأ قلبنا، كما قلوب إخوتنا الأساقفة والكهنة المشاركين معنا، عندما نلمس هذا الإيمان الذي يشعّ منكم في هذا البلد الذي استقبلكم، والذي عُرِف بسخائه وكرمه، لأنّنا نعلم أنّ عائلات مسيحية صالحة من ليون استقبلَتْكم واستضافَتْكم حتّى تستطيعوا أن تتغلّبوا على المحنة التي حصلت لكم في قره قوش وبرطلّة وقرى وبلدات سهل نينوى، والموصل، وكي تحافظوا على إيمانكم بطريقة حيّة، أي بالأعمال الصالحة”.
ووجّه غبطته الشكر “لجميع الأشخاص الذين استقبلوا جماعاتنا الكنسية المقتلَعة من سهل نينوى بمحبّة مسيحية وبسخاء، وبالروح المسيحية التي تتميّز بها أبرشية ليون اللاتينية هذه. كما نودّ أن نشارككم أيضاً الصلاة من أجل راحة نفوس ضحايا الفاجعة التي حصلت في بغديدا (قره قوش) في شهر أيلول الماضي، مقدّمين التعازي القلبية الحارّة إلى الأهل والأصدقاء الذين امتُحِنوا بهذه الفاجعة”.
ونوّه غبطته إلى أنّنا “نحتاج اليوم إلى أن نشهد بحياتنا وأعمالنا الصالحة رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات في هذا البلد الجديد الذي ليس شبيهاً بأرض آبائنا وأجدادنا في العراق وسوريا ولبنان، لكنّه يمتاز بإيمانه القديم والعريق. فلا ننسى أنّ ليون بُشِّرَت من قِبَل مُرسَلين من الشرق، أوّلهم القديس إيريناوس”.
وأكّد غبطته على أنّنا “نشهد بحياتنا، وليس بأقوالنا، وهنا أذكّركم أن تكونوا قدر المستطاع متّحدين بمحبّة أخوية. نقبل آراء بعضنا البعض، نناقش ونتفاهم، ولكن خذارِ أن نصل إلى خلافات، إلا أنّ هذا الأمر وللأسف ممكن، خاصّةً في هذا البلد الذي فيه نوع من الحرّيات للأشخاص، أكانوا رجالاً أو نساءً. فالمطلوب إذاً هو الوحدة بالمحبّة، وخاصّةً في العائلة، إذ يجب أن نعرف أنّ المسيحيين الأوائل في أنطاكية كانوا يُعرَفون أنّهم مسيحيون كونهم يحبّون بعضهم بعضاً. المحبّة كلمة لطالما تردِّدها جميع الأفواه، شعراً وغناءً وكتابةً وكلاماً، ولكن كي نعيش المحبّة، نحتاج إلى نعمة الرب، لأنّ هذا الأمر ليس سهلاً أبداً، لذلك ملكوت الله يُبنى بالعمل وليس بالأقوال”.
ولفت غبطته إلى أنّنا “نشكر الله الذي جمَعَكم هنا في ليون كعائلة حقيقية، ونصلّي خاصّةً من أجل العائلة المسيحية: الأب، الأمّ، والأولاد. فالعائلة خُلِقَت من الله نفسه الذي أسّس الزواج بين الرجل والمرأة، وأوصاهما أن ينميا ويكثرا، أي قبول الأولاد كعطية من الله”.
وتضرّع غبطته إلى الله “كي يباركَنا جميعاً، لا سيّما الشبيبة والأطفال الحاضرين هنا، والذين يحبّون الكنيسة كثيراً، فيسوع يحبّهم جداً. وقد سمعنا للتوّ نصّ الإنجيل حيث نجد يسوع يأخذ طفلاً بين يديه ويعلّم تلاميذه أن يكونوا محبّين لبعضهم البعض، وأن يحبّوا الأطفال حبّاً حقيقياً، ويضحّوا من أجلهم، ويشجّعوهم ويرافقوهم في مراحل نموّهم”.
وختم غبطته موعظته بشكر “الرب على كلّ النِّعَم التي يغدقها علينا، ونسأله أن يكون دائماً بيننا كما وعد، بشفاعة العائلة المقدسة”.
وقد ألقى الأب مجيد عطالله كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك وبأصحاب السيادة الأساقفة المرافقين له وبالآباء الكهنة، معبّراً عن الفرح الكبير باستقبال غبطته في زيارته الأبوية الثانية هذه، شاكراً غبطته على محبّته الكبيرة، داعياً له بالصحّة والعافية والعمر المديد في رعاية الكنيسة السريانية في كلّ مكان، في الشرق وبلاد الانتشار، وسائلاً الله أن يديمه “رأساً وذخراً وفخراً لكنيستنا السريانية في العالم”.
وأشار إلى أنّ هذه الزيارة الأبوية “ستزيدنا عزماً وإصراراً وقوّةً وإيماناً لبذل الجهود الكبيرة في خدمة كنيستنا السريانية الكاثوليكية، رغم كلّ المصاعب والتحدّيات التي نواجهها في الحياة، في هذا الزمن العصيب، كي نبقى شهوداً حقيقيين للرب، أينما كنّا وعشنا، متأصّلين بجذورنا السريانية الأصيلة، متحلّين بالصبر والثقة لتحقيق ما نصبو إليه، متّكلين على الرب يسوع، وبشفاعة أمّنا مريم العذراء”.
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، انتقل إلى قاعة الكنيسة حيث التقى المؤمنين في لقاء جمع الأب بأبنائه الروحيين، في جوّ من الفرح الروحي.