البطريرك يونان يحتفل بالقداس بمناسبة عيد مار يوحنّا المعمدان والذكرى الثامنة والعشرين للرسامة الأسقفية لغبطته والذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس حركة مار شربل في رعية سيّدة البشارة – بيروت

في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد ٧ كانون الثاني 2024، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت، بمناسبة عيد مار يوحنّا المعمدان، والذكرى السنوية الثامنة والعشرين للرسامة الأسقفية لغبطته، والتي تمّت بوضع يد المثلّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك، في كنيسة مار بطرس وبولس في القامشلي – سوريا، في ٧ كانون الثاني ١٩٩٦، والذكرى السنوية الثامنة والعشرين لتأسيس حركة مار شربل في رعية سيّدة البشارة – بيروت، وتجديد الوعود لعدد من أعضائها وقيادتها، وتسمية رئيس جديد لمجلس شرف الحركة.
عاون غبطتَه في القداس صاحبُ السيادة مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية والمرشد الروحي لحركة مار شربل – بيروت، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بحضور ومشاركة الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، وقيادة حركة مار شربل وأعضائها وأهلهم، وجمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية، وممثّلين عن فعاليات الرعية، وعن حركة مار بهنام وسارة – الفنار.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان “لقد وجدْنا المسيح”، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن “عيد مار يوحنّا المعمدان، الذي تحتفل به الكنيسة في السابع من كانون الثاني، وهو اليوم التالي لعيد الدنح أي الظهور الإلهي وعماد الرب يسوع. فيوحنّا المعمدان هو الشخص الذي يربط بين العهدين القديم والجديد، ومعنى اسمه “الله تحنّن”، وكان شبيهاً بيسوع، سواء بمعجزة ولادته، وبحياته المكرَّسة لله، وحتّى باستشهاده، إذ قدّم ذاته ذبيحةً فدائيةً في سبيل الحقّ والإيمان بالله، بعدما أمر هيرودس الملك بقطع رأسه. والرب يسوع نفسه يقول عن يوحنّا المعمدان “إنّه أعظم مواليد النساء”، وهو المدعوّ كي يسبق ابن الله الوحيد المخلّص يسوع المسيح، ويهيّئ له الطريق”.
ولفت غبطته إلى أنّه “عندما اعتمد يسوع في نهر الأردن، وحلّ الروح القدس عليه بهيئة حمامة، والآب السماوي أعلن أنّه هو ابنه الذي به سُرَّ، كان يوحنّا المعمدان الشاهدَ الأول والأكبر على هذا الظهور الإلهي العلني. وكما سمعنا من الإنجيل المقدس، فإنّ الرب يسوع جاء أيضاً إلى نهر الأردن بعد العماد، والتقى بيوحنّا الذي قال عنه “هذا هو حمل الله”. لقد اعترف يوحنّا أنّه ليس أهلاً أن يعمّد الرب، لكنّه تمّم إرادة الرب، وبعد إعلان يوحنّا هذا الاعتراف بألوهة يسوع وبنوّته لله الآب، تبعَ اثنان من التلاميذ يسوعَ، وأرادا أن يعرفا أين يسكن يسوع، فقال لهما: “تعاليا وانظرا”، وكان أندراوس أخو سمعان بطرس أحد هذين الإثنين، فأخبر أخاه بهذه البشرى: لقد وجدنا المسيح”.
ونوّه غبطته إلى أنّنا “نلتقي معاً في هذا القداس الإلهي لنشكر الرب على نِعَمِه بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لرسامتي الأسقفية، ونطلب منه أن يقوّينا في هذه الفترة الصعبة التي نمرّ بها في لبنان، كما في بلدان عدّة في الشرق الأوسط، لا سيّما في سوريا والعراق والأراضي المقدسة، ويؤهّلنا كي نعيش التكرّس للرب بحسب الدعوة التي إليها دعانا، كلٌّ من موقع خدمته ومسؤوليته، وأن نقوم برعاية شعب الله الذي أوكلَتْه إلينا الكنيسة المقدسة رعايةً صالحةً دون أيّ تردُّد، وبأمانة كاملة وتجرُّد تامّ”.
وأشار غبطته إلى أنّنا “نمتلئ فرحاً اليوم لأنّ أولادنا في حركة مار شربل يجدّدون وعدهم للمسيح الذي وجدوه داخل قلبهم، كي يتبعوه بكلّ فخر واعتزاز، وفي الوقت عينه بالأمانة لله والعائلة والكنيسة والوطن. نهنّئ قيادة حركة مار شربل في رعية سيّدة البشارة، لقيامها بهذه المهمّة نحو إخوة وأخوات، ولمساعدتهم ومرافقتهم كي يتعرّفوا أكثر على يسوع المخلّص، ويزدادوا محبّةً له، ويبقوا فخورين به، وينشروا الإيمان به حولهم بحياةٍ مسيحية صالحة، كما سمعنا من رسالة مار بولس الرسول إلى تلميذه تيطس، حيث يؤكّد للتلميذ الذي كان يقوم برعاية المؤمنين في الكنيسة الأولى، أنّ علينا جميعاً أن نتبع الرب يسوع الذي أعطانا نِعَمَه بالميلاد وبالروح القدس. ونشكر أيضاً الممثّلين عن حركة مار بهنام وسارة في الفنار لحضورهم ومشاركتهم، ونشكر بشكل خاص الأهل الذين أتوا كي يُظهِروا اعتزازهم بأولادهم الذين تعرّفوا على يسوع وأحبّوه ووعدوا أن يستمرّوا بمحبّة يسوع ومحبّة الكنيسة والرعية”.
وأكّد غبطته أنّنا “نؤمن بشخص ولا نؤمن بأفكار ونظريات، أي ليس لدينا إيديولوجية كما يفكّر البعض، بمعنى أنّه لدينا فهمٌ لبعض الأمور وعلينا اتّباعها خلافاً لما تبعه أهلنا وآباؤنا وأجدادنا وكنائسنا منذ أكثر من ألفي سنة، وهم الذين تعذّبوا وضحّوا بالكثير كي يبيّنوا أنّهم تلاميذ الرب يسوع. إذاً ليس لدينا إيديولوجية، بل نؤمن بشخص هو الرب يسوع الذي علّمنا أنّه هو المحبّة، وهو الذي خلّصنا، وطلب منّا أن نرتفع إليه، حتّى نكون أهلاً أن نُسمَّى تلاميذ له”.
وذكّر غبطته المؤمنين “بما أنّنا نحتفل بتجديد وعود شبيبتنا وأولادنا وصغارنا، فعلينا أن نركّز على موضوع العائلة التي تجتاز صعوبات كثيرة، ليس فقط صعوبات مادّية، لكن للأسف صعوبات تأتي من الضجر والمعاناة التي يتحمّلها الآباء والأمّهات، ولا يستطيعون تخطّي هذه المعاناة بقوّة الرب يسوع وبإلهام الروح القدس، كي يقبلوا ويتحمّلوا بعضهم بعضاً، ويصبروا على هفوات البعض، ويشجّعوا أحدهم الآخر ليكونوا مثال العائلة المسيحية الصالحة. نعرف جميعاً أنّ الصعوبات كثيرة، ويقولون لنا في المحاكم الكنسية أنّ هناك مشاكل في العائلات، فالخلافات تزداد، لا نعني هنا الإختلاف، إذ بإمكان الشخص أن تكون لديه نظرة مختلفة عن الآخر، لكنّها خلافات تؤدّي آثارها السلبية، وهذا ما يؤلم قلوبنا، إلى خراب العائلة، وإلى إهمال التربية للأولاد الذين هم عطية الرب”.
ورفع غبطته التضرّع “إلى الرب يسوع، حمل الله الذي بذل ذاته وسفك دمه من أجلنا، كي يبارك شبابنا، ويرافق عائلاتنا على الدوام، مهما كان عددنا قليلاً، فلا ننسى أنّ تلاميذ المسيح كانوا 12 شخصاً، وانطلقوا يبشّرون بيسوع، وغيّروا وجه العالم. لذلك، بقوّة الرب يسوع وبإلهامات الروح القدس، سنستطيع أن نشارك في تغيير العالم، وفي نهضة رعايانا، وفي خلاص لبناننا الغالي من كلّ المحن، كي نكون شهوداً حقيقيين ليسوع، أينما كنّا، وفي كلّ الظروف الحياتية التي نعيشها، متشبّهين بالقديس العظيم يوحنّا المعمدان، الصوت الصارخ والكاروز المبشّر الذي بشّر بقدوم الرب يسوع وأعدّ الطريق قدّامه، والذي كرّس ذاته كلّياً للرب، لأنّنا جميعنا وجدنا المسيح”.
وختم غبطته موعظته حاثّاً “الجميع على السعي الدائم كي نرضي الله في حياتنا، ليس فقط بالأقوال، إنّما أيضاً بحياةٍ نعيشها بالبرارة والنقاوة، حسبما يطلب منّا الرب، ونبقى ثابتين في دعوتنا وأمناء في خدمتنا، ونعطي المثال الصالح للمؤمنين الموكَلين إلى رعايتنا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقديس مار يوحنّا المعمدان، حتّى نستحقّ أن ننال السعادة الأبدية في الملكوت السماوي”.
وخلال القداس، جرى تجديد الوعود لعدد من أعضاء حركة مار شربل ومجلس قيادتها، ببركة غبطته، وبتوجيه مرشد الحركة سيادة المطران شارل مراد. كما تمّ إعلان تسمية رئيس جديد لمجلس الشرف هو الأستاذ بشير سركيس، خلفاً للأستاذ إيلي شربشي.
وقبل البركة الختامية، توجّه سيادة المطران شارل مراد بكلمة بنوية قدّم خلالها، باسم جميع الحاضرين، وباسم أبرشية بيروت البطريركية، إكليروساً ومؤمنين، التهنئة إلى غبطته بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة والعشرين لرسامته الأسقفية، متمنّياً لغبطته دوام النجاح والتوفيق في متابعة رعاية الكنيسة في هذه الظروف العصيبة، وسائلاً الرب أن يديمه بالصحّة والعافية والعمر المديد.
وفي نهاية القداس، ألقى قائد حركة مار شربل رودي جيدو كلمة شكر فيها الرب يسوع على نِعَمِه وبركاته، شاكراً غبطةَ أبينا البطريرك على رعايته الأبوية وحضوره المميَّز وتشجيعه الدائم، مهنّئاً إيّاه بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لرسامته الأسقفية، وداعياً له بالعمر الطويل والصحّة والعافية، شاكراً أيضاً سيادة المطران شارل مراد مرشد الحركة، والآباء الكهنة، وجميع الحاضرين، متناولاً أبرز أعمال الحركة ونشاطاتها خلال العام الماضي، ومثنياً على الإلتزام والمحبّة والعمل الجادّ للقيادة والأعضاء، وعلى عيشهم روح الفرح والخدمة والعطاء.
وتطرّق إلى رسالة قداسة البابا فرنسيس إلى الشبيبة بعنوان “كونوا بالرجاء فرحين”، هذا الرجاء الذي بدونه لا يمكن القيام بأيّ عمل أو خدمة، مشيراً إلى أنّ الحركة سعت أن تكون حياة قيادتها وأعضائها خلال السنة الفائتة “نوراً يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه”، على حدّ قول القديس يوحنّا الرسول في إنجيله.
ثمّ قدّم، باسم حركة مار شربل، درعاً تكريمياً لغبطة أبينا البطريرك بمناسبة ذكرى تأسيس الحركة وذكرى سيامته الأسقفية، عربون محبّة وشكر وتقدير ووفاء وامتنان.
وكذلك قدّم درعاً تذكارياً إلى الأستاذ إيلي شربشي تقديراً لعطائه وجهوده المبذولة كرئيس مجلس شرف للحركة.
بعدئذٍ شاهد الجميع تقريراً مصوَّراً عن أبرز أعمال حركة مار شربل ونشاطاتها خلال العام المنصرم، وأخذ الجميع صورة تذكارية ببركة غبطته.
وبعد القداس، هنّأ الجميعُ غبطتَه، داعين له بالصحّة والعافية، ومتمنّين له سنين مديدة في خدمة كنيسة الرب ورعاية أبنائها وبناتها. كما هنّأوا حركة مار شربل، قيادةً وأعضاءً، بمناسبة ذكرى تأسيسها وتجديد وعود عدد من مجلس قيادتها وأعضائها.