تم الاحتفال في كاتدرائية القديس بطرس في بلفاست بمراسم تشييع السفير البابوي السابق لدى الاتحاد الأوروبي المطران نويل تريانور، الذي وافته المنية في الحادي عشر من آب أغسطس الجاري. ترأس الاحتفال الديني أسقف داون وكونورو المطران آلان ماك غوكيان الذي ذكّر الحاضرين بالتزام الأسقف الراحل على صعيد تعزيز العدالة وتوطيد العلاقة بين الإيمان والثقافة، كما شدد دائماً على أهمية تعزيز مبدأ حماية الحياة البشرية إزاء الحروب التي يشهدها العالم، لاسيما في غزة وأوكرانيا.
خلال مراسم التشييع، التي ترأسها المطران ماك غوكيان وعاونه المطران إيمون مارتن، كبير أساقفة أيرلندا، قُرأت على الحاضرين رسالة للبابا فرنسيس، حملت توقيع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، شكر فيها الحبر الأعظم المطران تريانور على التزامه الدؤوب والأمين. وقد شارك في الاحتفال وفد فاتيكاني ضم الكاردينال أرثور روش، عميد دائرة العبادة الإلهية، ورئيس الأساقفة بول ريشارد غالاغر، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية، هذا فضلا عن وفد مسكوني ضم ممثلين عن الكنيستين المشيخية، والميتودية وغيرهما من الكنائس.
عبر البابا فرنسيس في رسالته التي قرأها المطران مونتيمايور عن قربه الروحي من عائلة السفير البابوي الراحل، خصوصا من شقيقه جون وشقيقته ماري. كما عبر عن قربه من جميع الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين في أبرشية داون وكونور. وكتب الحبر الأعظم في الرسالة: إني أعبّر عن امتناني العميق للخدمة الدؤوبة والأمينة التي قدمها رئيس الأساقفة تريانور لشعب الله في هذه الكنيسة المحلية، وللمجتمع الإيرلندي، ولمجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي، كما أيضا للكرسي الرسولي، موكلاً نفس الراحل إلى رحمة المسيح، الراعي الصالح.
في العظة التي ألقاها أكد المطران ماك غوكيان أن الراحل عرف كيف يخلق علاقات وطيدة من الصداقة، وظل على تواصل وثيق مع عائلته، وعلم الأجيال الفتية القيم المؤسِّسة للعقيدة الاجتماعية الكاثوليكية في عالم يتغيّر ويحتاج إلى العدالة والأخوة والالتزام الاجتماعي الذي كان يؤمن به كثيرا. وذكر سيادته أيضا بأن السفير البابوي الراحل عرف كيف يبني الرباط بين الإيمان والثقافة، مستندا إلى تعاليم البابا يوحنا بولس الثاني التي اعتبرت أن الإيمان الذي لا يصبح ثقافة لا يمكن أن يُعاش بالكامل.
كما توقف سيادته عند حلم المطران تريانور الذي كان يريد أن يعمل جميع المعمدين، من رجال دين وعلمانيين ورهبان وراهبات، خدمة لرسالة الكنيسة والخير العام. وكان يقدّر الكاهن الذين يمارس خدمته بفرح، ورجل الأعمال الذي يوفر فرص عمل للأشخاص، والرهبان الذين يحاربون الفقر والظلم، والمعلمين الساعين إلى جعل المجتمع مكانا أفضل من خلال التربية الكاثوليكية وحمل المسيح إلى الشبان والفتيان.
لم تخل عظة المطران ماك غوكيان من الحديث عن المشروع الأوروبي الذي أبصر النور بهدف صقل ثقافة مشتركة ومتقاسمة وسط أوضاع من الانقسامات الرهيبة والتي كشفت عن وجهها القبيح خلال الحرب العالمية الثانية. وقال إن السفير البابوي الراحل رأى أن قادة الدول الأوروبية التي كانت تتقاتل فيما بينها بحثوا عن قاسم مشترك، يكون علمانياً واشتمالياً. وكانوا واثقين، تماما كالمطران تريانور، أن إنجيل الرب يسوع المسيح هو مصدر القيم التي يرتكز إليها مشروع شجاع، كالمشروع الأوروبي.
هذا ثم توقف سيادته عند رسالة رعوية وجهها الراحل، في العام ٢٠١٨، إلى الطلاب والشبان مستلهماً من رسالة السلام للبابا فرنسيس. وعبر فيها عن إحباطه حيال غياب التعليم الاجتماعي الكاثوليكي عن الساحة. في ختام عظته مترأسا مراسم تشييع السفير البابوي لدى الاتحاد الأوروبي قال سيادته كم هي مهمة القيم والمبادئ المرتبطة بالعدالة وحماية الحياة في عالم اليوم الذي يشهد صراعات مسلحة وحروباً على مرأى الجميع، خصوصا في غزة وأوكرانيا.