“نحن مرتبطون ببعضنا البعض أمام الله الواحد؛ ومعًا نحن مدعوون معًا لكي نشهد بحوارنا لكلمته وبسلوكنا لسلامه” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى وفد من مجلس الحاخامات الأوروبيين
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الاثنين وفدًا من مجلس الحاخامات الأوروبيين وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وسلّمهم كلمة كان قد أعدها للمناسبة جاء فيها أحييكم وأرحب بكم وأشكركم على زيارتكم الطيبة. لقد التقيت في الماضي بمنظمتكم، صوت الحاخامات في أوروبا، في الفاتيكان. ويسعدني أننا تمكنا من تكثيف علاقاتنا مع مرور الوقت، وخاصة في السنوات الأخيرة. لكن أفكارنا وصلواتنا الأولى تتجه قبل كل شيء إلى ما حدث في الأسابيع الأخيرة. مرة أخرى، اندلع العنف والحرب في تلك الأرض التي، وإذ باركها العلي، يبدو أنها تتعرّض باستمرار لدناءة الكراهية وضجيج الأسلحة القاتل. ويثير القلق انتشار المظاهرات المعادية للسامية، الذي أدينه بشدة.
تابع البابا فرنسيس يقول أيها الإخوة الأعزاء، في ليل الخصومات، نحن المؤمنون بالله الواحد، ننظر إلى ذلك الذي يقول عنه النبي أشعيا “يحكم بين الأمم ويقضي للشعوب الكثيرة”، ويضيف، كنتيجة لدينونته تقريبًا، نبوءة رائعة عن السلام: “فيضربون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل فلا ترفع أُمَّة على أمَُّة سيفًا ولا يتعلمون الحرب بعد ذلك”. في زمن الدمار هذا، نحن المؤمنون مدعوون، من أجل الجميع وقبل الجميع، لكي نبني الأخوَّة ونفتح سبل المصالحة، باسم العلي القدير الذي، كما يقول نبي آخر، لديه “أفكار سلام لا بلوى”. لا السلاح ولا الإرهاب ولا الحرب، بل الرحمة والعدالة والحوار هي الوسائل المناسبة لبناء السلام.
تابع الأب الأقدس يقول أتوقّف بشكل خاص عند فن الحوار. إنَّ الإنسان الذي لديه طبيعة اجتماعية، ويجد نفسه على اتصال مع الآخرين، يتحقق في شبكة العلاقات الاجتماعية. وبهذا المعنى فهو ليس فقط قادراً على الحوار، بل هو نفسه حوار. وإذ يكون معلقًا بين السماء والأرض، فقط في حوار مع الآخر الذي يتخطاه ومع الآخر الذي يرافق خطواته، يمكنه أن يفهم نفسه وينضج. إنَّ كلمة “حوار” تعني حرفيًّا “من خلال الكلمة”. إنَّ كلمة العلي هي المصباح الذي ينير دروب الحياة: هي توجه خطواتنا نحو البحث عن القريب، نحو الاستقبال، نحو الصبر؛ وبالتأكيد ليس إلى الاندفاع المفاجئ للانتقام وجنون كراهية الحرب. كم هو مهمٌّ إذن لنا نحن المؤمنين أن نكون شهودًا للحوار!
أضاف الحبر الأعظم يقول إذا طبقنا هذه النتائج على الحوار اليهودي المسيحي، يمكننا أن نقول إننا نقترب من بعضنا البعض من خلال اللقاء والإصغاء والتبادل الأخوي، وأن نعترف ببعضنا كخدام وتلاميذ لتلك الكلمة الإلهية، القفير الحيوي الذي تُزهر فيه كلماتنا. وهكذا لكي نصبح بناة السلام، نحن مدعوون لكي نكون بناة حوار. ليس بقوتنا وقدراتنا فحسب، وإنما بعون الله القدير. في الواقع، “إن لم يبنِ الرب البيت، فباطلاً يتعب البناؤون”.
تابع الأب الأقدس يقول إن الحوار مع اليهودية له أهمية خاصة بالنسبة لنا نحن المسيحيين، لأن لدينا جذور يهودية. ولد يسوع وعاش كيهودي؛ وهو نفسه هو الضامن الأول للإرث اليهودي داخل المسيحية، ونحن، الذين ننتمي للمسيح، بحاجة إليكم أيها الإخوة الأعزاء، نحتاج إلى اليهودية لكي نفهم أنفسنا بشكل أفضل. لذلك، من المهم أن يحافظ الحوار اليهودي المسيحي على البعد اللاهوتي حيًا فيما يواصل في معالجة القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية.
أضاف الحبر الأعظم يقول ترتبط تقاليدنا الدينية ارتباطًا وثيقًا: فهما ليسا معتقدين منفصلين، تطورا بشكل مستقل في أماكن منفصلة ودون التأثير على بعضهما البعض. لقد لاحظ البابا يوحنا بولس الثاني، خلال زيارته إلى كنيس روما، أن الديانة اليهودية ليست غريبة، “وإنما وبطريقة معينة، هي “جوهرية” لديننا”. لقد دعاكم “إخوتنا الأحباء”، و”إخوتنا الكبار”. ولذلك يمكننا القول إن حوارنا، هو أكثر من مجرد حوار بين الأديان، إنه حوار عائلي. عندما ذهبت إلى الكنيس في روما، قلت: “نحن ننتمي إلى عائلة واحدة، عائلة الله، الذي يرافقنا ويحمينا كشعبه”.
وخلص البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة الأعزاء، نحن مرتبطون ببعضنا البعض أمام الله الواحد؛ ومعًا نحن مدعوون معًا لكي نشهد بحوارنا لكلمته وبسلوكنا لسلامه. ليمنحنا رب التاريخ والحياة الشجاعة والصبر لكي نقوم بذلك. شالوم!