استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في الفاتيكان وفدا من الشبان المنتمين إلى مجلس السلام العالمي ووجه لهم تحية سلط فيها الضوء على الرغبة في السلام الموجودة في قلب الإنسان والقادرة على تحقيق الوحدة ضمن التنوع، وأكد أن الحوار هو الدرب الوحيد المؤدي إلى السلام.
استهل الحبر الأعظم كلمته معرباً عن سروره للقاء ضيوفه لمناسبة زيارتهم إلى روما، مشيداً بالتزامهم لصالح السلام في الأرض المقدسة التي كانت – وعلى مر القرون – شاهدة على الكثير من العنف والمعاناة. وقال البابا إن الأيام التي نعيشها اليوم، لا تختلف كثيراً وللأسف عن الماضي، إذ عادت منذ أكثر من سنة غيوم الصراع السوداء لتلف تلك المنطقة من العالم، وهو أمر قبيح جدا.
بعدها أكد الحبر الأعظم أن الوضع الراهن يجعل من تعزيز السلام مسألة ضرورية وملحة، معرباً في هذا السياق عن سروره لوجود شبان – ضمن الوفد الزائر – ينتمون إلى خلفيات وديانات متنوعة. ورأى أن هذا الأمر يشكل علامة جلية على أن الرغبة في السلام متجذرة في قلب الكائن البشري، وهي قادرة على تحقيق الوحدة ضمن التنوع. مع ذلك لفت البابا إلى أن المهمة التي يقوم بها ضيوفه ليست سهلة، لذا شاء أن يقترح عليهم نقاطاً ثلاث.
أولاً شدد فرنسيس على أهمية وجود شبان وشابات يقومون بهذه الخدمة الهامة لأنهم يتمتعون بالمثالية والحماسة والأمل، ويذكروننا جميعاً بأن بناء عالم أفضل هو أمر ممكن، وبأن السلام ممكن. وأشار الحبر الأعظم إلى أن الشبان يمكنهم أن يساعدوا الآخرين على اكتشاف العنصرَين الرئيسَين اللذين يمهدان الطريق أمام السلام، ألا وهما: الغفران والاستعداد للتخلي عن الأحكام المسبقة وجراحات الماضي. وقال البابا إن الشبان هم خلاقون، لكن كم هو قبيح عندما نلتقي بشبان تأدلجوا، وحلّت لديهم الأيديولوجية محل الأفكار والإرادة في صنع الخير. وشدد فرنسيس في هذا السياق على ضرورة أن نتذكّر التاريخ ونتعلم منه، مضيفا أن التمسك بالجروح وبالأحكام المسبقة لا يمكن أن يقود أبدا إلى سلام حقيقي ودائم، بل على العكس إنه يساهم في استمرار دوامة الصراع والانقسامات.
هذا ثم تطرق البابا إلى النقطة الثانية التي شاء أن يقترحها على ضيوفه ألا وهي الالتزام دائماً لصالح الحوار، لأنه الأداة الرئيسية المتاحة لدينا، مضيفا أن الحوار يتطلب الاقتراب من الآخر، التعبير عن النفس والإصغاء المتبادل والتعارف ومحاولة الفهم، والبحث عن نقاط للتلاقي. الحوار هو الدرب الوحيد المؤدي إلى السلام، الشبان يستطيعون أن يكونوا صانعي السلام من خلال الحوار.
أما النقطة الثالثة والأخيرة، مضى البابا فرنسيس إلى القول، فهي ألا نفقد الأمل أبدا. وقال إن الأمل لا يخيّب، مشيرا إلى أنه من السهل أن نشعر بالإحباط عندما نرى النتائج المدمرة للحرب والحقد، ناهيك عن الفقر والجوع والتمييز، والوقائع الكثيرة الأخرى التي تهدد آفاق السلام، والتي هي ثمرة الحروب. وأضاف أن هذا الأمر يمكن أن يحملنا على التفكير بأن التزامنا لصالح الحوار لا جدوى منه، لأنه يولّد نتائج ملموسة قليلة. وتوجه الحبر الأعظم إلى ضيوفه قائلا إنهم تعرضوا ربما للانتقادات لأنهم يصبون اهتمامهم على الحاجة إلى الحوار، من أجل الدفع بقضية السلام. وأشار إلى ضرورة أن نتذكر أنه ليس من السهل أن نبذل هذه الجهود، لأنها تتطلب التضحية والالتزام اليومي، خصوصاً عندما يبدو أن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن.
وشجع البابا في هذا السياق الشبان الحاضرين على الحفاظ على شعلة الأمل متقدة، مدركين دائماً أننا جمعنا أعضاء في عائلة بشرية واحدة، وأننا كلنا أخوة وأخوات وأن الجهود الهادفة إلى تعزيز المصالحة والتناغم والسلام تستأهل دوماً العناء. كما شجع فرنسيس ضيوفه على عدم فقدان القدرة على الفرح التي تساعدنا على رؤية الأمور بشكل أفضل. في ختام تحيته إلى وفد الشبان المنتمين إلى مجلس السلام العالمي شكر البابا الجميع على زيارتهم مؤكدا لهم أنه يصلي من أجل التزامهم لصالح السلام في الأرض المقدسة، هذا ثم منح الجميع بركاته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا في أجله.