البابا فرنسيس يواصل تعليمه حول موضوع الرذائل والفضائل مسلطا الضوء على الجهاد الروحي

تابع قداسة البابا فرنسيس في مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء سلسلة التعاليم حول موضوع الرذائل والفضائل وأشار إلى أن حياة المسيحي الروحية هي جهاد مستمر للحفاظ على الإيمان.
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس في الفاتيكان واستهلها مذكّرا ببدء سلسلة تعاليم الأسبوع الفائت حول الرذائل والفضائل، وقال إنه موضوع يذكّر بالجهاد الروحي للمسيحي، وأضاف أن حياة المسيحي الروحية ليست خالية من التحديات، بل على العكس تتطلب جهادا مستمرا للحفاظ على الإيمان وإغناء عطايا الإيمان فينا.
وأضاف الأب الأقدس أن القديسين ليسوا أشخاصا سلموا من التجربة بل هم أشخاص يدركون جيدا أن إغراءات الشر تظهر مرارا وتكرارا في الحياة، وينبغي كشفها ورفضها. وتابع تعليمه الأسبوعي مشيرا إلى أن هناك أشخاصا كثيرين يغفرون لأنفسهم ويظنون أنهم “على ما يرام”، يخاطرون بالعيش في الظلمات لأنهم اعتادوا على الظلام ولا يعرفون التمييز بين الخير والشر. علينا جميعا أن نسأل الله نعمة الاعتراف بأننا خطأة ونحتاج إلى التوبة، محافظين في القلب على الثقة برحمة الله الآب اللامتناهية. إنه التعليم الافتتاحي الذي يقدّمه لنا يسوع، قال البابا فرنسيس، وأضاف أننا نرى ذلك في أولى صفحات الإنجيل، وقبل كل شيء عندما يُخبرنا عن معمودية المسيح في مياه نهر الأردن. وتحتوي هذه الحادثة على أمر مدهش. عن أي خطيئة على يسوع أن يتوب؟ ليست هناك أية خطيئة. حتى أن يوحنا المعمدان قد صُدم، ويقول لنا الإنجيل “فجَعلَ يُوحنَّا يُمانِعُه فيَقول: “أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟” (متى ٣، ١٥). وتابع البابا فرنسيس مشيرا إلى أن يسوع لا يتركنا لوحدنا أبدا. ففي أسوأ اللحظات، في اللحظات التي نقع فيها في الخطايا، يسوع هو بقربنا كي يساعدنا على النهوض. لا ينبغي نسيان ذلك، يسوع هو إلى جانبنا ليساعدنا ويحمينا، وأيضا لينهضنا بعد الخطيئة. لا ينسى أن يغفر أبدا، أما نحن فنفقد مرات كثيرة القدرة على طلب المغفرة.
وبعد المعمودية مباشرة، أضاف البابا فرنسيس، تخبرنا الأناجيل عن ذهاب يسوع إلى البرية حيث جرّبه ابليس. وفي هذه الحالة أيضا نسأل أنفسنا: لماذا يجب أن يعرف ابن الله التجربة؟ وفي هذه الحالة أيضا، يُظهر يسوع تضامنًا متينا مع هشاشة طبيعتنا البشرية ويصبح مثلنا الأعظم: فالتجارب التي مرّ بها وتغلّب عليها بين حجارة الصحراء القاحلة هي أوّل تعليم يعطيه لحياتنا كتلاميذ. لقد اختبر ما يجب علينا نحن أيضا أن نكون مستعدين دائما لمواجهته: فالحياة مصنوعة من تحديات وتجارب وإغراءات خفية وأصوات متناقضة. ينبغي الحفاظ على الصفاء الداخلي، قال البابا فرنسيس، من أجل اختيار الطريق الذي يقودنا حقًا إلى السعادة، ومن ثم الالتزام بعدم التوقف طول الطريق.
وتابع الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي مشيرا إلى أن ينبغي أن نتذكّر بأننا دائما بين نقيضين: الكبرياء يتحدى التواضع؛ الكراهية تناقض المحبة؛ الحزن يعيق فرح الروح الحقيقي؛ وقساوة القلب ترفض الرحمة. وشدد من ثم على أهمية التفكير في الرذائل والفضائل لأن ذلك سيساعدنا على التغلب على ثقافة العدمية حيث الحدود بين الخير والشر هي غير واضحة، وسيذكّرنا في الوقت نفسه بأن الإنسان يستطيع دائما أن يتجاوز نفسه، من خلال الانفتاح على الله والسير نحو القداسة.
وختم قداسة البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي صباح اليوم الأربعاء في قاعة بولس السادس بالفاتيكان قائلا إن الجهاد الروحي يقودنا إلى النظر عن كثب إلى تلك الرذائل التي تقيّدنا، والسير بنعمة الله نحو تلك الفضائل التي بإمكانها أن تنمو فينا، حاملة ربيع الروح إلى حياتنا.