البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد للكاهن اليسوعي جايمس مارتن بعنوان “لعازر، هلمّ خارجا”

صدر عن مكتبة النشر الفاتيكانية كتاب جديد للكاهن اليسوعي الأمريكي جايمس مارتن بعنوان “لعازر، هلمّ خارجاً”. تضمن المجلد، الذي بدأ بيعه في المكتبات الإيطالية هذا الاثنين، توطئة بقلم البابا فرنسيس كتب فيها أن القارئ يستشف في صفحات الكتاب حقيقة آنية وخصبة عن المسيحية ألا وهي أن الإنجيل هو أبدي وواقعي، يتعلق بحياتنا الداخلية، كما بالتاريخ وبالحياة اليومية، مؤكدا أن الرب يسوع لم يتحدث عن الحياة الأبدية وحسب إنما وهبها أيضا.
استهل الحبر الأعظم توطئته موجها كلمة شكر إلى المؤلف، الأب جايمس مارتن، على هذا الكتاب الجديد الذي يسلط من خلاله الضوء على أعظم معجزة صنعها الرب يسوع، ألا وهي إقامة لعازر من الموت. ولفت إلى أن الأب مارتن يترك الكلمة للنص البيبلي، ويغوص فيه من خلال نظرة ودراسة العديد من الكتاب الذين قاموا بتحليله بدقة، وتوقفوا عند الأبعاد المتنوعة والتأويلات المختلفة. وأضاف البابا أن دراسة النص تتميّز بالمحبة ولا تقتصر على النواحي العلمية وحسب، إنها نظرة شخص يعشق كلمة الله والطريقة التي قصت فيها أعمال ابنه الله، يسوع المسيح.
تابع البابا فرنسيس مذكرا القرّاء بأن الكتاب المقدس هو الغذاء الذي نحتاج إليه كل يوم، ويمثل في الآن معاً “رسالة حب” وضعها الله، منذ قرون، بين أيدي رجال ونساء كل زمان ومكان. وشدد الحبر الأعظم على ضرورة أن نحتفظ بكلمة الله، وأن نحملها معنا كل يوم، أو أن نبحث عنها على الهاتف الذكي عندما نحتاج إليها. وهذا الأمر يجعلنا ندرك أن الأسفار المقدسة هي جسم حي، كتاب مفتوح، وشهادة نابضة لإله لم تمت وتُدفن على رفوف التاريخ التي غطتها الغبار، بل هذه الشهادة تسير معنا يوميا، حتى في يومنا هذا.
هذا ثم كتب البابا أن الكتاب يطالع القارئ بحقيقة آنية وخصبة عن المسيحية، ألا وهي أن الإنجيل هو أبدي وواقعي، يتعلق بحياتنا الداخلية، كما بالتاريخ وبحياتنا اليومية. ولفت إلى أن الرب يسوع لم يتحدث فقط عن الحياة الأبدية بل وهبها، لم يقل فقط “أنا القيامة”، بل أقام لعازر بعد ثلاثة أيام على موته. والحياة المسيحية هي تداخل آني دائماً بين الأبدي والحاضر، بين السماء والأرض وبين الإلهي والبشري. وذكّر فرنسيس في هذا السياق بأن الرب تجسد واختار أن يدخل إلى تاريخ الإنسان كي يتحول تاريخ البشر إلى ملكوت الله، إلى الزمان والمكان حيث ينبت السلام والرجاء يتحقق والمحبة تُحيي.
مضى الحبر الأعظم إلى القول “إننا كلنا لعازر”، وهذا ما حاول أن يُظهره الأب مارتن انطلاقاً من التقليد الإغناطي إذ حاول أن يجعل القارئ يتماهى مع صديق يسوع هذا. فنحن أيضا أصدقاء الرب، ونكون أحياناً “موتى” بسبب الخطية، وبسبب عدم أمانتنا، والإحباط. بيد أن يسوع لا يخاف من الاقتراب من الخاطئ، حتى عندما يكون قد أنتن كالشخص الميت منذ ثلاثة أيام. إنه يقف أمام باب قلبنا المنغلق، هذا الباب الذي يُفتح فقط من الداخل والذي نُقفله عندما نعتقد أن الله لا يمكن أن يغفر لنا. تابع البابا مشيرا إلى أنه عندما نقرأ التحليل المفصل للأب مارتن يمكن أن نلمس لمس اليد العمل الذي قام به يسوع مع ميت كان قد أنتن، وهذا ما يرمز إلى التعفّن الداخلي الذي تولّده الخطية في نفوسنا. ويسوع لا يخشى الاقتراب من الخاطئ، بل يريد ألا يضيع أحد، وأن يشعر الجميع بمعانقة الآب المُحبة.
وتوقف البابا بعدها عند كاتب الروايات الأمريكي الشهير كورماك ماكارثي وأشار إلى أن هذا الأخير تحدث في أحد كتبه عن “عمل الله”، إذ جعل إحدى شخصياته تقول إنها تؤمن بالله، لكنها تشك في ادعاء البشر بمعرفتهم لفكر الله، بيد أن الله غير القادر على المغفرة لا يمكن أن يكون الله. وشدد فرنسيس إلى أن مهنة الله هي المغفرة.
يتابع الحبر الأعظم لافتا إلى أن صفحات المجلد ذكّرته بعبارة للباحث في الكتاب المقدس، ألبرتو مادجي، الذي تحدث عن نص معجزة إقامة لعازر من الموت، موضحا أنه من خلال هذه المعجزة لم يعلمنا يسوع فقط أن الموتى سيقومون، بل أن الأحياء لا يموتون. وأضاف فرنسيس أن الموت سيأتي عاجلا أم آجلا، وسيشملنا نحن، وأحباءنا وعائلاتنا وجميع الأشخاص.
ولفت البابا، في ختام توطئة كتاب “لعازر، هلمّ خارجا”، إلى الموت الذي نراه من حولنا بسبب الظلم والحروب والعنف، بيد أن الإنسان مصيره الحياة الأبدية التي تنتظرنا بعد الموت، والتي نستطيع أن نلمسها من الآن عندما نتخلى عن الأنانية ونعيش المحبة.