كانت أهمية الحوار بين معارف الشعوب الأصلية وحكمتها الفطرية والعلم وأبحاثه محور الكلمة التي وجهها البابا فرنسيس اليوم إلى المشاركين في ورشة عمل حول هذا الموضوع تنظمها الأكاديميتان الحبريتان للعلوم وللعلوم الاجتماعية.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس المشاركين في ورشة عمل تنظمها الأكاديميتان الحبريتان للعلوم وللعلوم الاجتماعية تتمحور حول معارف الشعوب الأصلية والعلوم. وعقب ترحيبه بالجميع وفي الكلمة التي قرأها مسؤول من أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان أشار الأب الأقدس إلى مساعي هذه المبادرة إلى الجمع بين معارف الشعوب الأصلية والعلوم وذلك من أجل مقاربة أكثر شمولا وثراءً وإنسانية إزاء بعض المشاكل العاجلة مثل التغير ات المناخية وفقدان التنوع البيولوجي وما يتعرض له من خطر الأمن الغذائي والصحة وغيرها. كما وشكر قداسة البابا رؤساء ومسؤولي الأكاديميتين الحبريتين على هذه المبادرة والتي وصفها بإسهام من أجل الاعتراف بالقيمة الكبيرة لحكمة الشعوب الأصلية ودعم تنمية بشرية متكاملة ومستدامة، هذا إلى جانب كونها فرصة للنمو في الإصغاء المتبادل، الإصغاء إلى الشعوب الأصلية للتعلم من حكمتها وأسلوب حياتها، وأيضا الإصغاء إلى العلماء للتعلم من دراساتهم. وتابع البابا فرنسيس أن ورشة العمل هذه توجه رسالة إلى الشباب وإلى المنظمات الدولية، وذلك للاعتراف بغنى التنوع داخل العائلة البشرية الكبيرة واحترام هذا التنوع. وشدد الأب الاقدس في هذا السياق على أن هناك في نسيج الإنسانية ثقافات وتقاليد وروحانيات ولغات متعددة في حاجة إلى الحماية، وذلك لأن فقدانها يشكل بالنسبة لنا جميعا افتقارا في المعرفة والهوية والذاكرة. من الضروري بالتالي، حسبما واصل البابا فرنسيس، أن تكون مشاريع البحث العلمي، ما يعني أيضا الاستثمارات، موجهة دائما بشكل أكبر لتعزيز الأخوّة الإنسانية والعدالة والسلام، وذلك كي يتم استخدام الموارد بشكل منسَّق للإجابة على التحديات العاجلة أمام البيت المشترك وعائلة الشعوب.
ولتحقيق هذا الهدف هناك حاجة إلى ارتداد وإلى رؤية بديلة عن تلك التي تحمل العالم اليوم إلى صدام متعاظم، أكد البابا فرنسيس وقال للمشاركين في هذه المبادرة إن لقاءهم يسير في هذا الاتجاه. وأشار قداسته إلى أن الحوار بانفتاح بين المعارف الأصلية والعلوم، بين جماعات الحكمة الفطرية والجماعات العلمية، يمكنه أن يساهم في التطلع إلى عالم جديد أكثر تكاملا وأكثر فعالية في مواجهة قضايا حاسمة مثل المياه والتغيرات المناخية والجوع والتنوع البيولوجي، وأشار البابا هنا إلى ترابط هذه القضايا فيما بينها.
وتابع قداسة البابا مشيرا إلى أن هناك مؤشرات إيجابية في هذا المجال ومن بينها إدراج الأمم المتحدة معارف السكان الأصليين كجزء أساسي في العقد الدولي للعلوم من أجل التنمية المستدامة. وشدد الأب الأقدس على أنه من الضروري أن نتذكر دائما خلال الحوار بين معارف الشعوب الأصلية والعلوم أن إرث المعرفة يجب الاستفادة منه لتعلُّم تجاوز النزاعات بدون عنف، ومواجهة الفقر وأشكال العبودية الجديدة. وتابع البابا فرنسيس أن الله الخالق والآب للبشر جميعا يدعونا إلى أن نعيش وإلى أن نشهد لدعوتنا إلى الأخوّة العالمية والحرية والعدالة، الحوار واللقاء المتبادل، المحبة والسلام، وتفادي تغذية الكراهية والغضب والانقسام، العنف والحرب. وتحدث الأب الأقدس أيضا عن دعوتنا إلى ارتداد إيكولوجي والالتزام من أجل حماية بيتنا المشترك وعيش تضامن بين الأجيال من أجل حماية حياة الأجيال القادمة بدلا من هدر الموارد وتعزيز اللامساواة والاستغلال والدمار.
أراد البابا فرنسيس في كلمته بعد ذلك توجيه الشكر إلى ممثلي الشعوب الأصلية وإلى العلماء على التزامهم، كما وشجعهم على الاستفادة من إرث حكمة الأجداد ومن ثمار الأبحاث العلمية وذلك لمواصلة العمل معا من أجل الحقيقة والحرية والحوار، العدالة والسلام. وتابع الأب الأقدس مؤكدا كون الكنيسة حليفة للشعوب الأصلية ومعارفها وللعلم، وذلك من أجل أن ننمي في العالم الأخوّة والصداقة الاجتماعية.
وفي ختام الكلمة الموجهة إلى المشاركين في ورشة العمل التي تنظمها الأكاديميتان الحبريتان للعلوم وللعلوم الاجتماعية حول الجمع بين معارف الشعوب الأصلية والعلوم، والذين استقبلهم صباح اليوم الخميس، أكد البابا فرنسيس مرافقته الجميع بالصلاة واستمطر عليهم البركة الإلهية. ثم سأل الأب الأقدس ضيوفه، كلٌّ بطريقته، أن يُصلوا من أجله.