البابا فرنسيس يسلط الضوء على قوة الصلاة في لحظات الألم والسلام الداخلي الذي يعطيه الرب

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي في الفاتيكان الأهالي من جمعية “Talità kum” في فيشينسا الذين فقدوا ابنًا، وعبّر عن قربه منهم وشدد على قوة الصلاة والمحافظة على الرجاء وسط الدموع.
وجه قداسة البابا فرنسيس كلمة رحّب فيها بالجميع وحيّا الأب ايرمس رونكي الذي يرافقهم روحيًا. وقال إنه يريد أولا أن ينظر إلى وجوههم ويعانق بذراعين مفتوحتين قصصهم المطبوعة بالألم ويقدّم لمسة حنان لقلبهم، قلب ينزف، قلب مبلل بالدموع يمزّقه شعور ثقيل بالفراغ. وأشار إلى أنه عندما يكون الألم حادًا جدا وخاليًا من التفسيرات، فهو يحتاج فقط إلى البقاء متمسكا بخيط صلاة تصرخ إلى الله نهارا وليلا، ويتم التعبير عنها أحيانا بغياب الكلمات، لا تحاول حل المأساة إنما بالعكس تتضمن أسئلة تعود دائما: “لماذا يا رب؟ لماذا حصل ذلك لي؟ لماذا لم تتدخل؟ أين أنت والبشرية تعاني وقلبي يبكي خسارة لا تُعوّض؟ وقال الأب الأقدس إنها أسئلة تحرق في الداخل وتُقلق القلب، ولكن إن قُمنا في الوقت نفسه بمسيرة كما تفعلون بكثير من الشجاعة والتعب أيضا، فإن هذه الأسئلة المؤلمة ستفتح بصيص نور وتعطي القوة للمضي إلى الأمام. وأشار إلى أن السؤال الذي يُرفع إلى الله كصرخة هو مفيد. إنها صلاة. وإذ تدفع إلى الغوص في ذكرى أليمة وبكاء الخسارة فهي تصبح في الوقت نفسه الخطوة الأولى للتضرع وتفتح على نوال التعزية والسلام الداخلي الذي يعطيه الرب.
وأضاف البابا فرنسيس أن الإنجيل بحدثنا عن ذلك في المقطع الذي استلهموا منه لإعطاء اسم لمسيرتهم (راجع مرقس ٥، ٢٢ – ٤٣). يخبرنا عن أب، أحد رؤساء المجمع، ابنته مريضة جدا؛ ذاك الرجل لم يبق منغلقًا في ألمه، مع خطر الوقوع في اليأس، إنما ذهب إلى يسوع وسأله ملحًا أن يأتي إلى بيته. ذهب الرب معه. لقد ساءله الألم لأن ألمنا يحفر أيضا في قلب الله. وسلط الأب الأقدس الضوء على تفصيل مؤثر مشيرا إلى أن سير يسوع مع ذاك الأب الحزين قد يتوقف عندما بلغه نبأ لم يشأ أن يسمعه “اِبنَتُكَ ماتَت فلِمَ تُزعِجُ المُعَلِّم؟” (مرقس ٥، ٣٥). كان بإمكان يسوع أن يتوقف ويقول “لا يمكن فِعل أي شيء”. ولكنه قال لذاك الرجل ” لا تَخَفْ، آمِنْ فقط” (مرقس ٥، ٣٦)، وواصل السير معه حتى دخول بيته الذي اجتاحه الموت. وأخذ بيد الصبية، أعاد إليها الحياة. وأضاف البابا فرنسيس أن في الألم، أول جواب لله ليس خطابا أو نظرية، إنما السير معنا. وكما في تلك الحادثة، يريد الرب أن يأتي إلى بيتنا، بيت قلبنا وبيوت عائلاتنا التي زعزعها الموت: إنه يريد أن يكون بقربنا ويلمس حزننا ويمسك بيدنا كي ينهضنا مجددا كما فعَل مع ابنة يائيرس.
وتابع الأب الأقدس كلمته قائلا إن يسوع يريد أن يمسح دموعكم ويطمئنكم: ليست الكلمة الأخيرة للموت. إن الرب لا يتركنا بدون تعزية وإذا حملتم إليه باستمرار دموعكم وأسئلتكم، سيعطيكم يقينا داخليا هو ينبوع سلام: يجعلكم تنمون في اليقين أنه بحنان محبته، أخذ بيد أبنائكم وقال لهم كما لتلك الصبية ” طَليتا قوم. قومي!”. ويريد أن يمسك بيدكم أيضا لتتمكنوا بنور السر الفصحي من سماع صوته الذي يكرر لكم أيضا “قوموا، لا تفقدوا الرجاء، لا تُطفئوا فرح الحياة”.
وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته مؤكدا قربه منهم بالصلاة، وطلب منهم ألا ينسوا أن يصلّوا من أجله.