البابا فرنسيس يستقبل وفد الشبكة الدولية لجمعيات اللاهوت الكاثوليكية

اللاهوت وأهميته وحاجتنا إليه، هذا ما تمحور حوله حديث البابا فرنسيس اليوم الجمعة إلى وفد الشبكة الدولية لجمعيات اللاهوت الكاثوليكية والذي توقف فيه أيضا عند ضرورة الأمانة بإبداع للتقاليد، تداخل المعارف، والمجمعية.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم وفدا من لاهوتيي الشبكة الدولية لجمعيات اللاهوت الكاثوليكية. وبدأ الأب الأقدس حديثه إلى ضيوفه معربا عن سعادته للقائهم وشاكرا إياهم على ما يقومون به من عمل من خلال مشاريع بحث ومؤتمرات، حيث يشجعون المسكونية والحوار مع الأديان الأخرى والنظرات الأخرى إلى العالم. ثم توقف قداسة البابا عند كون اللاهوت خدمة كنسية ثمينة نحن في حاجة إليها، وذلك في المقام الأول لأنه يجعل الإيمان المسيحي قادرا على أن يرد على مَن يَطلُبُ دَليل الرَّجاء (راجع ١ بطرس، ٣، ١٥). وواصل البابا أننا نعلم أن الرجاء ليس عاطفة أو شعورا بل هو شخص يسوع ذاته، الطريق والحق والحياة.
لفت البابا فرنسيس بعد ذلك الأنظار إلى أهمية اللاهوت في تغير الحقبة الذي نعيشه حاليا، في مجتمعات متعددة الاثنيات في تحرك مستمر حيث هناك ترابط بين الشعوب واللغات والثقافات، وهو ما يجب توجيهه انطلاقا من وعي نقدي نحو بناء تعايش في سلام وتضامن وأخوّة عالمية، وذلك أيضا مع العناية ببيتنا المشترك.
وأراد الأب الأقدس التحدث عن حاجتنا إلى اللاهوت وذك لأن التحديات التي يفرضها اليوم التقدم التقني العلمي، ومن بينها الذكاء الاصطناعي، تجمعنا كي نفهم معا ما هو إنساني وما هو جدير بالإنسان، وما هو غير قابل للمساس به في الإنسان لكونه قد خُلق على صورة الله ومثاله. وواصل الأب الأقدس أن على اللاهوت أن يرافقنا على دروب العلوم والمعارف النقدية مقدما إسهامه على صعيد المعرفة، وذلك كي لا تكون الثقافات المختلفة في مواجهة بل في حوار، لتصبح سمفونية.
وانطلاقا من هذه الأفكار تحدث البابا فرنسيس عن ثلاثة اتجاهات لتطور اللاهوت، ألا وهي الأمانة بإبداع للتقاليد، تداخل المعارف، والمجمعية. وقال الأب الأقدس إن هذه هي المكونات الأساسية لدعوة اللاهوتي الكاثوليكي، وأضاف أن على اللاهوتيين اكتشاف طرق الدخول الصحيحة لانثقاف الإيمان.
ثم تحدث الأب الأقدس عن كون التقاليد حية وبالتالي فمن الضروري أن تنمو لتُجسد الإنجيل في كل ركن من أركان الأرض وفي كل الثقافات، فالإنجيل يعلن مجيء يسوع الذي مات وقام من بين الأموات وهو حكمة الحياة بالنسبة للجميع. ثم أشار البابا فرنسيس إلى تداخل المعارف موضحا أنه ليس موضةِ اليوم حسبما ذكر، بل هو ضرورة بالنسبة لعلم اللاهوت الذي يصغي إلى اكتشافات المعارف الأخرى للتعمق في عقيدة الإيمان بينما يقدم المعرفة المسيحية من أجل تطور إنساني للعلوم. وشدد قداسة البابا هنا على أن هذا الواجب الملزِم يستدعي مجمعية وسينودسية مسيرة البحث.
وفي ختام كلمته أشار البابا فرنسيس إلى أن هذه الخدمة لا يمكن أن تتحقق بدون إعادة اكتشاف الطابع المعرفي للاهوت، وهو ما قد تحدَّث عنه قداسته في الرسالة الرسولية Ad Theologiam promovendam. ثم أراد الأب الأقدس التذكير بدعوة سلفه البابا بندكتس السادس عشر العلوم كافة إلى توسيع حدود العقلانية العلمية من وجهة النظر المعرفية، وأضاف البابا فرنسيس أن هذا يجب أن يشمل علم اللاهوت أيضا كي يكون معرفة نقدية بالنسبة لحياة كل شخص بشري وحياة شعب الله، وذلك بالجمع بين العلم والفضائل، المنطق النقدي والمحبة. فالإيمان المسيحي يعمل من خلال المحبة، قال قداسة البابا وأضاف مستعيرا كلمات القديس يوحنا في رسالته الأولى: “مَن لا يُحِبّ لم يَعرِفِ الله، لأَنَّ اللّهَ مَحبَّة”.