البابا فرنسيس يستقبل ممثلي الاتحاد الإيطالي لجمعيات المتبرعين بالدم

الفرح والشهادة والتضامن، ثلاثة عناصر تُميز عالم المتبرعين بالدم وكل مَن يعملون من أجل الآخرين. كان هذا ما تمحورت حوله كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم السبت ممثلي الاتحاد الإيطالي لجمعيات المتبرعين بالدم.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت ممثلي الاتحاد الإيطالي لجمعيات المتبرعين بالدم وذلك لمناسبة مرور ٦٥ سنة على تأسيسه. وفي بداية كلمته رحب قداسته بالجميع في ذكرى تأسيس الاتحاد الذي يحركه التزام صامت من قِبل آلاف المتبرعين بالدم في جميع أنحاء البلاد حسبما ذكر. وواصل البابا قائلا لضيوفه إنه يريد التأمل معهم حول ثلاثة عناصر لنشاطهم وهي الفرح والشهادة والتضامن.
وبدأ الأب الأقدس بالحديث عن الفرح باعتباره من الصفات المميزة لأوساط المتبرعين بالدم، وبشكل عام للأشخاص الذين يعملون من أجل خير الآخرين، وتابع قداسته ان هذا يُلمس هنا الآن وسط أعضاء الوفد، وهذا أمر طبيعي لأن العطاء بمحبة يحمل الفرح، قال البابا. ثم ذكَّر بكلمات يسوع “السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ” (راجع أعمال الرسل ٢٠، ٣٥). وعاد الأب الأقدس إلى سلفه البابا بندكتس السادس عشر والذي تحدث عن ضرورة جعل المحبة ما يُلهم أعمالنا، وواصل البابا فرنسيس أن العطاء هو فرح وذلك لأن بالعطاء تتغير حياتنا وتُزهر حيث ندخل في دينامية الإنجيل المنيرة والتي يجد فيها كل شيء معناه وكماله بالمحبة. ثم قال الأب الأقدس لضيوفه إنكم تعطون للآخرين جزءً هاما من أنفسكم، دمكم، وأنتم تعرفون بالطبع السعادة الناتجة عن التقاسم.
ثم انتقل قداسة البابا إلى الحديث عن العنصر الثاني أي الشهادة، وقال في هذا السياق لضيوفه إنه وفي عالم ملوَّث بالفردانية التي غالبا ما ترى في الآخر عدوا يجب الانتصار عليه لا أخا يجب لقاؤه، فإن ما يقومون به هو علامة تهزم اللامبالاة والوحدة وتتجاوز الحدود وتُسقط الحواجز. وتابع البابا أن المتبرع بالدم لا يعلم مَن سيتلقى دمه كما ولا يعرف المستفيد من هذا التبرع مَن منحه هذا الدم. ثم توقف قداسته عند كون الدم في حد ذاته، بوظائفه الحيوية، رمزا واضحا، فهو لا يكترث بلون بشرة متلقيه ولا بانتمائه العرقي أو الديني، بل يدخل ببساطة حيثما يتمكن ساعيا عبر سريانه في الشرايين إلى بلوغ كل جزء من الجسم ليحمل الطاقة، وهذا هو ما تفعل المحبة، قال البابا فرنسيس. توقف قداسته أيضا عند فعل مد الأذرع لسحب الدم، فهو يشبه ما فعل يسوع على الصليب. وواصل البابا أن مد الأذرع هو فعل يتحدث عن الله ويُذكِّرنا بأن رسالة الكنيسة التبشيرية تمر عبر المحبة حسبما ذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني.
أما في حديثه عن العنصر الثالث، أي التضامن، فقال البابا فرنسيس إن مَن يتبع الدم يصل إلى القلب جسديا ولكن أيضا روحيا، أي يصل إلى المركز الموحِّد للشخص حيث يتقابل تقدير الذات والانفتاح على الآخرين، القلب هو بامتياز مكان المصالحة والوحدة، أضاف قداسته. ومن هذا المنطلق قال البابا فرنسيس لضيوفه إنه يدعوهم إلى أن يعيشوا تبرعهم بالدم لا فقط كفعل سخاء إنساني بل وأيضا كمسيرة نمو روحي على درب التضامن الذي يوحِّد في المسيح، وكهبة لرب الرحمة الذي يتماهي مع من يعاني. وشدد قداسة البابا على ضرورة تذكُّر أن الدم يصل إلى القلب واتباع الدم للوصول إلى القلب، أي لمعانقةٍ أكبر دائما لجميع مَن تلتقون من رجال ونساء في فعل محبة، قال قداسته لضيوفه.
ثم ختم البابا فرنسيس كلمته إلى ممثلي الاتحاد الإيطالي لجمعيات المتبرعين بالدم الذين استقبلهم اليوم ٩ تشرين الثاني نوفمبر لمناسبة مرور ٦٥ سنة على تأسيس الاتحاد موجها الشكر إلى ضيوفه على ما يقومون به. ثم بارك قداسته الجميع وعائلاتهم، كما وأراد أن يمنح من خلالهم البركة لجميع المتبرعين بالدم وأيضا جميع مَن يتعاونون مع الاتحاد. أكد قداسة البابا في الختام لأعضاء الوفد تَذَكره لهم في صلاته وسألهم أن يُصلوا هم أيضا من أجله.