“الصمت والصلاة والصوم والتوبة والزهد جميع هذه الأمور هي ضرورية لكي نتحرّر مما يستعبدنا ولكي نكون لله بالكامل” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى جماعة إكليريكية أبرشيّة مدريد
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان جماعة إكليريكية أبرشيّة مدريد وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وسلّمهم كلمة كان قد أعدّها لهذه المناسبة جاء فيها نحن هنا بفضل صدفة سعيدة: سيستلم صاحب السيادة دون خوسيه كنيسة سانتياغو ومونتسيرات، التي توحد في قديسَيها الإيمان الرسولي ومحبة مريم العذراء التي تميز إسبانيا بأسرها. ويرافق دون خوسيه أيضًا كنزه الأثمن، وهو أنتم، إكليريكيّته. واجه العديد من أساقفة إسبانيا القديسين الواقع الصعب الذي تواجهه كنائسهم، واعتقدوا أن الإكليرية هي المكان الذي يمكنه أن يتجذر فيه حلمهم الرعوي ويتوسع. في الواقع، إذا أردنا أن نكون كنيسة، جسد المسيح، فالأمر سهل لأنه، كما قال الله لموسى، ما علينا إلا أن نحدق النظر بالنموذج الذي رأيناه على الجبل، المسيح المتجلي الحاضر في الإفخارستيا.
تابع البابا فرنسيس يقول تتبادر إلى ذهني مقولة لأحد هؤلاء الأساقفة القديسين، الذي ربما تعرفونه، والذي أراد “إكليريكية تكون فيها الإفخارستيا: في المجال التربوي، الحافز الأكثر فعالية؛ وفي المجال العلمي المعلم الأول والمادة الأولى؛ في مجال الانضباط المفتش الأكثر يقظة. وفي مجال الزهد النموذج الأكثر حيوية؛ وفي المجال الاقتصادي العناية الإلهية العظيمة؛ وفي المجال المعماري حجر الزاوية”. لنراجع معًا هذه النقاط لكي نضع الله في المحور، أي لكي يكون الأساس والمشروع والمهندس وحجر الزاوية. وهذا الأمر لا يتحقق إلا من خلال العبادة. إنَّ يسوع – يقول لنا قديسنا – سيكون المربي، الصبور والصارم، العذب والحازم بحسب ما نحتاج إليه في تمييزنا، لأنه يعرفنا أفضل من أنفسنا، وينتظرنا، ويشجعنا ويعضدنا في مسيرتنا كلّها. إنه أعظم حافز لدينا، لأننا كرسنا حياتنا لاتباعه.
أضاف الأب الأقدس يقول يبدو لي أنه من الأساسي أن يجمع القديس مانويل في المجال العلمي بين كونه المعلم والمادة. إنَّ الله يريد أن يعطي شعبه رعاة بحسب قلبه، ونحن لا نتعلم أشياء من يسوع، بل نقبله ونتمسّك به لكي نتمكن من أن نحمله للآخرين. والدرس الكبير الذي يعطينا إياه الرب هو البشريّة، لكونه صار جسدًا، ترابًا وإنسانًا محبّة بنا. وفي هذه المادة ليس هناك مثل غيره؛ وعن الفضائل والظروف الأخرى، سيقدم يسوع الأمثال والمقارنات التين والبذور والعواصف، ولكنَّ الدرس العظيم من حياته لا يمكننا أن نتعلمه إلا من ذلك “الوديع والمتواضع القلب”. بالنسبة للانضباط، أن نتواجه كل صباح مع الإفخارستيا -المفتش الأكثر يقظة- يجعلنا نفكر في عبث أفكارنا الدنيوية، وعبث رغباتنا في الارتقاء، والظهور. إنَّ العظيم يجعل من نفسه عطيّة كاملة وفي يدي، قبل أن أتناوله، يسألني: هل تصالحت مع أخيك؟ هل ارتديت حلة العيد؟ هل أنت مستعد لكي تدخل إلى وليمتي الأبدية؟
تابع الحبر الأعظم يقول لقد رأينا حتى الآن التمييز والعلم واليقظة؛ إنها بالتأكيد جوانب أساسية في إكليريكيّتكم، لكن لا فائدة منها بدون الزهد؛ إن نسخ نموذج يتطلب جهدًا، وصنع عمل فني يتطلب إلهامًا، وإنما العمل أيضًا، ويسوع لم يتهرب من كل هذا. من الضروري أن ندخل الصحراء، لكي يتحدث إلى قلوبنا، إذا كانت مليئة بالأمور الدنيوية، بالأشياء، فلن يجد الله مكانًا، ولن نسمعه عندما سيقرع على بابنا. لذلك فإن الصمت والصلاة والصوم والتوبة والزهد جميع هذه الأمور هي ضرورية لكي نتحرّر مما يستعبدنا ولكي نكون لله بالكامل، وهذا ليس في الداخل فقط، وإنما أيضًا في الخارج، في العمل، في المشاريع، من خلال الاستسلام ليسوع؛ سيكون الرب العناية العظيمة، لنسمح له إذًا أن يقترح وينفذ، ولنضع أنفسنا تحت أمره فقط بطاعة الروح.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة الأعزاء، ثقوا بالذي دعاكم لهذه المهمة الجميلة، واسجدوا في عبادة لكي تتمكنوا من أن تبنوا بطاعة هيكل الله في شعبكم وفي جماعاتكم. وعندما تتناولون، وعندما ستحتفلون يومًا بالإفخارستيا، لا تنسوا أن تصلوا من أجلي.