البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في لقاء لمرشدي ومسؤولي رعوية الجامعات

تثمين الاختلافات والمرافقة برعاية والعمل بشجاعة، كانت هذه الأفعال الثلاثة محور كلمة البابا فرنسيس اليوم خلال استقباله المشاركين في لقاء لمرشدي ومسؤولي رعوية الجامعات.
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الجمعة ٢٤ تشرين الثاني نوفمبر المشاركين في لقاء لمرشدي ومسؤولي رعوية الجامعات تنظمه الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية. وفي بداية كلمته وجه الأب الأقدس التحية إلى الجميع وتوقف عند كون حضورهم هنا ينقل صوت الطلاب والأساتذة وجميع مَن يساهمون بعملهم بعيدا عن الأضواء من أجل مسيرة جيدة للمؤسسات التكوينية والثقافة والكنائس المحلية والشعوب، وذلك من خلال معانقة أيضا الشباب الكثيرين الذين يُمَثل الحق في التعليم بالنسبة لهم امتيازا صعب المنال بعد، وأعطى قداسته هنا مثلا الأشخاص الأكثر فقرا واللاجئين.
ثم انطلق الأب الأقدس في كلمته من الموضوع الذي اختير محور لقاء مرشدي ومسؤولي رعوية الجامعات، أي “نحو نظرة متعدد الجوانب”، وذكَّر باهتمامه بهذا الموضوع منذ بداية حبريته وبحديثه عن نموذج الأشكال متعددة الأوجه حيث كل النقاط تَبعد المسافة ذاتها عن المركز وليست هناك فروق بينها، وحيث تلتقي العناصر الجزئية كافة محافِظة على أصالتها. وتابع البابا أن الإنجيل يتجسد بهذا الشكل لتتردد أصوات مكوناته المتناغمة بشكل مختلف في حياة الأشخاص كلحن واحد قادر على التعبير عن ذاته بأنغام متنوعة.
ومن هذا المنطلق أراد البابا فرنسيس التأمل مع ضيوفه حول ثلاثة أفعال يؤمن بأهميتها بالنسبة لعملهم، وهي تثمين الاختلافات والمرافقة برعاية والعمل بشجاعة. وفي حديثه عن التصرف الأول، أي تثمين الاختلافات، عاد قداسته إلى الشكل متعدد الأوجه مشيرا إلى أنه شكل صعب مقارنةً بالكرة الملساء التي يَسهل التحكم فيها، فالشكل متعدد الأسطح يتميز بالحدة والنتوءات وله جانب صادم، أي كما الواقع في بعض الأحيان. إلا أن هذا الطابع المركب هو أساس جمال هذا الشكل لأنه يمَكنه من أن يعكس النور بدرجات مختلفة حسب زاوية الأوجه، كما ويؤثر على تكوينٍ مختلف للظلال. وواصل الأب الأقدس أن التمتع بنظرة متعددة الأوجه يعني تدريب الأعين على لمس هذه الاختلافات وتثمينها، كما وأشار قداسته إلى أن تكوُّن الأشكال متعددة الأوجه والأسطح في عالم المعادن هو ثمرة تاريخ طويل من عمليات جيولوجية مركبة، وأضاف أن هذا الأسلوب الذي يطبعه الصبر والاستقبال والإبداع يُذَكرنا بأسلوب الله. وتحدث البابا بالتالي عن أن استقبال الأشخاص، بما في أوضاعهم من نور وظلال، بروح أبوّة وأمومة يشكل في الخدمة التربوية رسالة ويُسَهِّل نمو ما زرع الله في كل واحد منا بشكل فريد وغير متكرر.
ثم انتقل الأب الأقدس إلى الحديث عن الفعل الثاني ألا وهو المرافقة بعناية، وقال إن الإيمان بحيوية ما يزرع الله يعني رعاية ما ينمو ببطء وما يَبرز من خلال أفكار وتطلعات ومشاعر الشباب الموكلين إليكم، قال البابا لضيوفه مشجعا إياهم على تحمل هذه المسؤولية. وواصل أنه في حال نزع النتوءات وإلغاء الظلال من شكل هندسي صلب فسيفقد سمكه وعمقه ويصبح تركيبة مسطَّحة، أما في حال تثمين الاختلافات انطلاقا من الوعي بها فيمكن تحويل هذه التركيبة إلى عمل فني. وأضاف البابا فرنسيس أن الرب يُعلِّمنا تحديدا فن الرعاية وأن نستخرج أفضل ما في المخلوقات من خلال الرعاية والاهتمام بأضعف ما فيها. وشجع قداسته ضيوفه على عدم الإحباط أمام التحديات التربوية التي يواجهونها يوميا مع أشخاص من ثقافات وأفكار مختلفة ومتنوعة. وتحدث عن العناية والرعاية بدون انتظار تحقيق أهداف فورية، ولكن بالحفاظ على الرجاء في أن مرافقة الشباب بالرعاية والصلاة من أجلهم يجعلانهم يزهرون لا في تجانس، بل في الاختلاف الذي هو غناهم.
وفي حديثه عن الفعل الثالث، أي العمل بشجاعة، أشار البابا فرنسيس إلى أن تعزيز فرح الإنجيل في الأوساط الجامعية هو عمل محفز لكنه يتطلب الشجاعة. وأضاف أن هذه هي الفضيلة التي تشكل نقطة البداية لكل مهمة، لأن الشجاعة هي ما يُمَكننا من مد الجسور حتى على هاوية عميقة مثل هاوية الخوف والتردد والحجج التي تَحول دون العمل وتُغذي عدم الاكتراث. وواصل الأب الأقدس أن الشجاعة هي أن يتم اتخاذ قرار يخلق شيئا جديدا وسط معاناة النفس، هي التمرد على تقاعس ضمير يُجري الحسابات، هذه هي الشجاعة التي تصل إلى الهدف بالتركيز على ما هو ضروري متجاهلة كل ما يُضعف قوة الاختيارات، إنها شجاعة التلاميذ الأوائل وفضيلة “فقراء الروح” (راجع متى ٥، ٣)، قال البابا. وأعرب قداسته للجميع عن الرجاء في أن يُنَموا في حياتهم وفي خدمتهم الثقة الشُجاعة لمن يؤمن، وأضاف أن مَن يمنحنا الشجاعة هو الروح القدس وعلينا أن نطلب هذه الشجاعة.
هذا وفي ختام كلمته إلى المشاركين في لقاء لمرشدي ومسؤولي رعوية الجامعات تنظمه الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية أراد البابا فرنسيس توجيه الشكر لمن ساهموا بالتبرع بالمال لتمكين مَن لم يكن لهم أن يشاركوا في هذا اللقاء من المشاركة فيه. وقال قداسته لضيوفه إنه من الجميل أن تصبح مثل هذه اللفتات بشكل أكبر دائما جزءً من أسلوب عملهم، وشدد على القيام بهذا بحساسية ووداعة بدون جرح الأشخاص.