البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في جمعية أساقفة الشركة الأنغليكانية

“لنصلِّ ونسر ونعمل معًا بثقة ورجاء” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في جمعية أساقفة الشركة الأنغليكانية
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في جمعية أساقفة الشركة الأنغليكانية وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أحييكم بفرح بكلمات القائم من بين الأموات: إنها نذير ذلك الرجاء الذي يأتي من القيامة والذي لا يخيِّب. هكذا كان الأمر بالنسبة للتلاميذ، بينما كانوا منغلقين وخائفين في العلية: في وسط ارتباكهم، شفى يسوع مخاوفهم، وأظهر جراحاته وجنبه وأفاض عليهم روحه. واليوم أيضًا، عندما يجتمع قادة شعب الله، يمكنهم أن يشعروا بالخوف مثل التلاميذ: يمكنهم أن يسمحوا للإحباط بأن يجرّبهم، وأن يظهروا لبعضهم البعض خيبات أملهم وتوقعاتهم التي لم تتحقق، ويسمحوا بأن تسيطر عليهم المخاوف، دون أن يتمكنوا من أن يمنعوا خلافاتهم من أن تتفاقم. ولكن، إذا وجهنا أنظارنا اليوم أيضًا إلى المسيح بدلًا من أنفسنا، فسندرك أن القائم من الموت هو بيننا ويريد أن يمنحنا سلامه وروحه.
تابع البابا فرنسيس يقول أنا ممتن لصاحب السيادة جوستين ويلبي على كلماته الأخوية التي وجهها لي: لقد بدأ خدمته كرئيس أساقفة كانتربري في الوقت نفسه الذي بدأت فيه خدمتي كأسقف لروما. ومنذ ذلك الحين أتيحت لنا العديد من الفرص للقاء والصلاة معًا والشهادة لإيماننا بالرب. وهذا العام، خلال الاحتفال بصلاة الغروب في عيد ارتداد القديس بولس، أعطينا تفويضًا لبعض الأساقفة الكاثوليك والأنغليكان لكي يقوموا بخدمتهم معًا، فيكونوا للعالم استباقيًا لمصالحة جميع المسيحيين في وحدة كنيسة المسيح الواحدة”. أيها الأخ جوستين العزيز، أشكرك على هذا التعاون الأخوي لصالح الإنجيل!
أضاف الأب الأقدس يقول يدعو الرب كل واحد منا لكي يكون بنّاء وحدة، وحتى لو لم نكن واحدًا بعد، إلا أنّه لا يجب لشركتنا غير الكاملة أن تمنعنا من أن نسير معًا. في الواقع، “إن العلاقات بين المسيحيين تتطلب من الآن فصاعدا كل تعاون عملي ممكن على مختلف المستويات: الرعوية والثقافية والاجتماعية، وكذلك في الشهادة لرسالة الإنجيل”. إن الاختلافات لا تقلل من قيمة ما يوحدنا: فهي “لا يمكنها أن تمنعنا من الاعتراف ببعضنا البعض كإخوة وأخوات في المسيح بسبب معموديتنا المشتركة”. وأنا ممتن بهذا المعنى للعمل الذي قامت به على مدى السنوات الخمسين الماضية اللجنة الأنغليكانية الكاثوليكية الدولية، التي التزمت بتفانٍ في التغلب على مختلف العقبات التي تقف في طريق الوحدة، واعترفت بشكل خاص بكيف أنَّ “الشركة التي توحدنا ترتكز على الإيمان بالله أبينا، وبربنا يسوع المسيح، وبالروح القدس؛ وعلى معموديتنا المشتركة في المسيح؛ وعلى مشاركة الكتب المقدسة، وقانون إيمان الرسل، وقانون الإيمان النيقاوي-القسطنطيني؛ وعلى الصيغة الخلقيدونية وعلى تعليم الآباء؛ على إرثنا المسيحي المشترك الذي يمتد لقرون عديدة”.
تابع البابا فرنسيس يقول أيها الإخوة والأخوات، يجعلنا زمن الفصح نعود إلى أصولنا من خلال قراءة أعمال الرسل. من بين العديد من صفحات الإيمان والأخوة المجيدة، والشجاعة في وجه الاضطهاد، ونشر الإنجيل البهيج، والانفتاح على الوثنيين، لا يخفي الكاتب المقدس لحظات من التوتر وسوء الفهم، التي غالبًا ما كانت تولد من هشاشة التلاميذ، أو من اختلافات تفسيرات العلاقة مع التقاليد الماضية. ولكن خلال الرواية يظهر أن الرائد الحقيقي هو الروح القدس: وصل الرسل إلى مصالحات وحلول إذ تركوا له الأولوية. قد ننسى في بعض الأحيان، أن المناقشات قد حركت أيضًا الجماعة المسيحية الأولى، أي الذين عرفوا الرب والتقوا به بعد أن قام من بين الأموات؛ وبالتالي لا يجب علينا أن نخاف من المناقشات، بل يجب أن نعيشها، ونترك فيها الأولوية للبارقليط. فنصلي ونصغي إلى بعضنا البعض، ونحاول أن نفهم ما في قلوب الآخرين، ونسأل أنفسنا – قبل أن نحاسب الآخرين – إن كنا مطيعين لإلهامات الروح القدس أو عبيدًا لآرائنا الشخصية أو الجماعية. ومن المؤكد أن المنظور الإلهي لن يكون أبدًا منظور الانقسام والانفصال وانقطاع الحوار. إن درب الله يقودنا لكي نتمسك بالرب يسوع بشكل أكثر حيوية، لأنه فقط في الشركة معه سنجد الشركة الكاملة في داخلنا.
أضاف الأب الأقدس يقول إن عالم اليوم الممزق يحتاج إلى ظهور الرب يسوع! يحتاج إلى أن يتعرف على المسيح! يأتي البعض منكم من مناطق حيث الحرب والعنف والظلم هم الخبز اليومي للمؤمنين، ولكنَّ الآلام لا تغيب أيضًا حتى في البلدان الغنية والمسالمة. ماذا يمكننا أن نقترح إزاء هذا كلِّه، غير يسوع المخلص؟ مهمتنا هي أن نجعله معروفًا. وفي أعقاب ما قاله بطرس للكسيح عند باب الهيكل، ما يجب أن نقدمه لزمننا الهش والمعوز ليس الفضة والذهب، بل المسيح والإعلان المدهش لملكوته.
تابع البابا فرنسيس يقول يا أساقفة الشركة الأنغليكانية الأعزاء، أشكركم لأنكم اخترتم أن نلتقي هذا العام في مدينة الرسولين بطرس وبولس. إنها هدية لي أن أشعر بأنني قريب من الجماعات التي تمثلونها. أعلم أن دور أسقف روما لا يزال يمثل قضية مثيرة للجدل والانقسام بين المسيحيين. ولكن بحسب التعبير الجميل للبابا غريغوريوس الكبير، الذي أرسل القديس أوغسطينوس كمرسل إلى إنجلترا، فإن أسقف روما هو servus servorum Dei – أي خادم خدام الله. وكما كتب يوحنا بولس الثاني، “هذا التعريف يحمي في أفضل طريقة من خطر فصل السلطة (وبخاصة الأولوية) عن الخدمة، الأمر الذي يتعارض مع معنى السلطة بحسب الإنجيل: “أنا بينكم كالذي يخدم”. لذلك من الضروري أن نلتزم في “حوار أخوي، وحوار صبور ونترك وراءنا الخلافات التي لا فائدة منها”، لكي نفهم كيفية القيام بالخدمة البطرسية كخدمة محبة للجميع. وبفضل لله، لقد تحققت نتائج إيجابية في مختلف الحوارات المسكونية حول مسألة الأولوية باعتبارها “عطية علينا أن نتشاركها”.
أضاف الأب الأقدس يقول وكما تعلمون، إن الكنيسة الكاثوليكية هي ملتزمة الآن في مسار سينودسي. يسعدني أن العديد من المندوبين الإخوة، ومن بينهم أسقف من الشركة الأنغليكانية، قد شاركوا في الدورة الأولى للجمعية العامة التي عقدت في العام الماضي، وأتطلع إلى مزيد من المشاركة المسكونية في دورة هذا الخريف. أصلي لكي يكون الفهم الأفضل لدور أسقف روما من بين ثمار السينودس. لقد طلب التقرير الموجز في نهاية الجلسة الأولى إجراء دراسة أكثر تعمقًا للرابط بين السينودسية والأولوية على مختلف المستويات (المحلية والإقليمية والعالمية). ويمكن لآخر عمل للجنة الأنغليكانية الكاثوليكية الدولية أن يكون مصدرًا مفيدًا في هذا المعنى.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لذلك لنصلِّ ونسر ونعمل معًا بثقة ورجاء. لقد ذكرنا في الإعلان المشترك لعام ٢٠١٦: “رغم أننا، مثل أسلافنا، لا نزال لا نرى حلولاً للعقبات التي تواجهنا، إلا أننا لا نيأس. وبالثقة والفرح في الروح القدس، نثق في أن الحوار والالتزام المتبادل سيعمقان فهمنا ويساعداننا على تمييز إرادة المسيح لكنيسته. نحن واثقون من نعمة الله وعنايته، ونعرف أن الروح القدس سيفتح لنا أبوابًا جديدة ويرشدنا إلى كل الحق”. ستكون عثرة إذا لم نحقق، بسبب الانقسامات، دعوتنا المشتركة في أن نجعل المسيح معروفًا. ولكن، إذا تمكنا، بما يتجاوز رؤيتنا الخاصة، من أن نشهد للمسيح بتواضع ومحبة، فسيكون هو الذي سيقربنا من بعضنا البعض؛ لأنه، وأعيد التأكيد، “وحده هذا الحب، الذي لا يعود إلى الماضي لينأى بنفسه أو يشير بأصابع الاتهام، وحده هذا الحب الذي يضع الأخ، باسم الله، أمام الدفاع الحديدي عن نظامه الديني، وحده هذا الحب سيوحدنا. أولاً الأخ، ثم النظام”. أيها الإخوة والأخوات، أشكركم مرة أخرى على هذه الزيارة التي تسمح لنا بأن ننمو في الشركة. ويسعدني الآن أن أستمع إلى ما تريدون أن تقولوه لي وأن أصلي معكم.