استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في الفاتيكان المشاركين في المؤتمر الدولي لرعوية الشبيبة الذي تنظمه الدائرة الفاتيكانية للعلمانيين والعائلة والحياة، ووجه لهم خطاباً توقف فيه عند يوبيل الشباب المرتقب العام المقبل، والأيام العالمية للشباب المزمع عقدها في سيول عام ٢٠٢٧ اللذين يشكلان فرصة يقدمها الله لنا ليقول لشبيبة العالم كله: يسوع هو الأمل بالنسبة لي، لك، لنا وللجميع.
استهل الحبر الأعظم كلمته معبرا عن امتنانه لجميع من ساهموا في إنجاح اليوم العالمي للشبيبة في لشبونة، لافتا إلى أنهم بذلوا جهوداً حثيثة، لكن الأمر استأهل العناء، خصوصا وأن الحدث جاء بعد سنتين من الجائحة ووسط التوترات الدولية، في وقت يحتاج فيه الشبان إلى جرعة من الأمل، وأشار إلى أن لقاء ليشبونة جاء بمثابة احتفال بفرح العيش وبفرح كوننا مسيحيين، احتفال في الأمل الذي ما يزال يسكن في قلوب الشبان، لأن الله نفسه هو من يغذي الأمل، ويجعله صلباً وراسخاً، على الرغم من كل المشاكل والصعوبات.
هذا ثم توجه البابا إلى الشبان الحاضرين وقال لهم إنهم مدعوون للاستعداد للقاءات الدولية المقبلة، ولمرافقة راعوية الشبيبة خلال الأزمنة العادية. وأضاف فرنسيس أنه يفكر بيوبيل الشبيبة المرتقب العام المقبل وبالأيام العالمية للشباب في سيول بعد ثلاث سنوات، معرباً عن أمله بأن تساعد تلك الأحداث العديد من الشبان على الالتقاء بالرب، بما في ذلك من لا يترددون إلى الكنائس، وأن تحمل لهم رسالة أمل.
ولفت البابا إلى أن فكره يتجه بنوع خاص نحو الشبان والشابات الذين فقدوا البوصلة، وطرحوا جانباً الأحلام الكبيرة، وصاروا أسرى الحزن وسوء العيش. وأوضح أن آسيا هي قارة شابة وحيوية، ومع ذلك فقد العديد من الشبان الأمل وانغلقوا على أنفسهم. وهذا ينسحب أيضا على أترابهم في باقي أنحاء العالم، مشيرا إلى أن حدثَي روما وسيول هما الفرصة التي يقدمها الله لنا ليقول لشبيبة العالم كله: يسوع هو الأمل بالنسبة للجميع.
لم تخل كلمة البابا من الإشارة إلى أهمية عدم إهمال الحياة اليومية، التي هي مسيرةُ ورعويةُ الخطوات الصغيرة، والكلمات والأفعال البسيطة، والصلوات والاحتفالات الجماعية. إنها قداسة الحياة اليومية كما جاء في الإرشاد الرسولي “افرحوا وابتهجوا”. وشجع البابا فرنسيس في هذا السياق الحاضرين على قراءة هذه الوثيقة التي هي نشيد للفرح، لافتا إلى أن الفرح ينبغي أن يكون قوت المسيحي.
هذا ثم شدد الحبر الأعظم على أهمية أن يُساعد الشبان على أن يُدركوا بيقين أن الله محبة، وأن المسيح يخلّص وهو حي، وأن الروح القدس يعطي الحياة. وقال إن الشبان يستمعون غالباً إلى أنباء سلبية لكن هذا الأمر ينبغي ألا يؤثر على اليقين بأن المسيح القائم من الموت هو معهم وهو أقوى من أي شر. وهو يعرف مصير العالم ومسار حياتنا. لذا من الأهمية بمكان أن يُمنح الشبان فرصة اختبار المسيح الحي بواسطة الصلاة والاحتفال الإفخارستي وسر المصالحة واللقاءات الجماعية وخدمة الفقراء وشهادة القديسين.
بعدها تطرق البابا إلى أهمية التمييز الروحي الذي هو فنّ لا بد أن يتعلّمه العاملون الرعويون: الكهنة والرهبان، ومعلمو الدين وحتى الشبان الذين يرافقون شباناً آخرين. ولفت إلى أنه في مسيرة اكتشاف الدعوات، تساعد القدوة الحكيمة على تفادي الأخطاء والضياع والشلل. وذكّر بأن التمييز الروحي هو سينودسي، شخصي، وموجه نحو الحقيقة، مشيرا إلى أنه قدّم سلسلة من التعاليم حول هذا الموضوع ودعا الشبان إلى الاطلاع عليها.
مضى البابا إلى القول إنه من الضرورة أن يتم الإصغاء للشبان، وأن يكون هذا الإصغاء واقعياً، داعيا إلى عدم استغلال الشبان من أجل تحقيق أفكار قررها الآخرون، ولا تتجاوب مع متطلباتهم واحتياجاتهم. وأكد أنه لا بد أن يُمنح الشبان حس المسؤولية، وأن يشاركوا في الحوار وفي برمجة النشاطات واتخاذ القرارات. وأضاف أنهم يجب أن يشعروا أنهم جزء ناشط وفاعل في حياة الكنيسة، ويدركوا أنهم هم من أول المبشرين بالإنجيل وسط أترابهم.
في ختام كلمته شكر البابا فرنسيس ضيوفه على التزامهم مع الشبان ولصالح الشباب، وقال لهم: سيروا إلى الأمام بشجاعة، حاملين للجميع الخبر السار بأن يسوع حي وهو الرب، مشيرا إلى أن هذه هي رسالة الفرح والتعزية والرجاء التي ينتظرها كثيرون. هذا ثم سأل البابا فرنسيس الله أن يبارك الحاضرين وطلب منهم أن يصلوا من أجله.