الأسرار والكرامة والإيمان، ثلاث كلمات كانت محور تأمل البابا فرنسيس اليوم خلال استقباله المشاركين في الجمعية العامة لدائرة عقيدة الإيمان. كما وتطرق الأب الأقدس إلى الوثيقة الصادرة مؤخرا عن الدائرة حول منح البركة.
استقبل البابا فرنسيس اليوم الجمعة المشاركين في الجمعية العامة لدائرة عقيدة الإيمان. وعقب ترحيبه بالجميع وشكرهم على عملهم الثمين ذكَّر الأب الأقدس بمهمة هذه الدائرة حسبما جاء في الدستور الرسولي Praedicate Evangelium حول الكوريا الرومانية وخدمتها للكنيسة وللعالم، حيث كتب قداسته في هذه الوثيقة “مهمّة دائرة عقيدة الإيمان هي مساعدة الحَبر الرّومانيّ والأساقفة في إعلان الإنجيل في جميع أنحاء العالم، وتعزيز وحماية سلامة العقيدة الكاثوليكيّة في الإيمان والأخلاق، بالاعتماد على وديعة الإيمان، وبالبحث الدائم أيضًا عن فهم أعمق لها، لمواجهة القضايا الجديدة”. وواصل البابا أنه ولبلوغ هذا الهدف قد تم من خلال الإرادة الرسولية Fidem servare تأسيس قسمين منفصلين داخل الدائرة، أحدهما خاص بالعقيدة والثاني بالقضايا النظامية. كما وذكَّر البابا فرنسيس بالرسالة التي وجهها إلى عميد الدائرة في الأول من تموز يوليو ٢٠٢٣ لمناسبة تعيينه والتي تحدث فيها قداسته عن هذا الإجراء وأيضا عن أهمية مشاركة متخصصين يتمتعون بالكفاءة في القسم الثاني، الخاص بالجوانب النظامية، وذلك لضمان التنبه والحزم في تطبيق التشريعات الكنسية القائمة وخاصة إزاء حالات الاعتداء على القاصرين، وأيضا من أجل تعزيز مبادرات تكوينية في القانون الكنسي.
وواصل البابا فرنسيس كلمته مشيرا إلى رغبته في أن يتقاسم مع ضيوفه بعض الأفكار التي يختزلها في كلمات ثلاث: الأسرار والكرامة والإيمان. وفي حديثه عن الكلمة الأولى، الأسرار، قال قداسته أن بالأسرار تتغذى حياة الكنيسة وتنمو، وأشار إلى ما ضرورة ما وصفه يفتح كنوز النعمة التي تقدمها الأسرار مؤكدا أن المؤمنين وبفضل الأسرار يصبحون قادرين على النبوة والشهادة. ويحتاج زمننا بشكل ملح إلى أنبياء حياة جديدة وشهود للمحبة، قال البابا داعيا إلى ضرورة أن نحب وأن نجعل الأشخاص يحبون جمال الأسرار وقوتها الخلاصية.
ثم انتقل الأب الأقدس إلى الحديث عن الكرامة فشدد على أننا وكمسيحيين لا يمكننا أن نكل عن التشديد على أولية الشخص البشري والدفاع عن كرامته في أية ظروف. وقال في هذا السياق لمسؤولي وأعضاء دائرة عقيدة الإيمان إنه يعلم بإعدادهم وثيقة حول هذا الأمر، وأعرب عن الرجاء أن تساعدنا هذه الوثيقة ككنيسة على أن نكون دائما قريبين من جميع مَن يكافحون بشكل يومي بدون ضجيج من أجل حقوق المستضعفين، وأيضا كي نكون، وأمام الأشكال الحالية الكثيرة لإلغاء الآخرين وتجاهلهم، قادرين على الإجابة من خلال حلم أخوّة وصداقة اجتماعية جديد لا يقتصر على الأقوال.
أما عن الكلمة الثالثة، الإيمان، فقال البابا فرنسيس إنه يريد التذكير في هذا السياق بحدثين، الأول هو الذكرى العاشرة لصور الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” والثاني هو اليوبيل الذي سيُحتفل به عام ٢٠٢٥ والذي سنجدد من خلاله الإيمان بيسوع المسيح. وتابع البابا فرنسيس أنه لا يمكننا من جهة أخرى تجاهل أن الإيمان في مناطق واسعة من العالم، وحسبما كتب البابا بندكتس السادس عشر في الإرادة الرسواية Porta fidei “باب الإيمان”، لم يعد أساس العيش المشترك بل وأنه يتعرض حى للإنكار. ولهذا، واصل البابا فرنسيس، علينا التأمل مجددا وبشغف أكبر في بعض المواضيع مثل إعلان الإيمان ونقله في العالم الحالي وخاصة للأجيال الشابة، الارتداد الإرسالي للبنى الكنسية والعاملين الرعويين وغيرها. وتحدث قداسته هنا عن المساعدة المنتظَرة من دائرة عقيدة الغيمان، مساعدة تترَجم اليوم إلى التزام بالتأمل والتمييز كي تعمل الجماعة بكاملها من أجل ارتداد رعوي وإرسالي يمكنه أن يساعد أيضا المسيرة السينودسية الحالية.
ومن بين ما أراد البابا فرنسيس الإشارة إليه في ختام كلمته البيان الصادر مؤخرا عن دائرة عقيدة الإيمان Fiducia supplicans حول منح البركة، وثيقة تسعى حسبما ذكر قداسته إلى إظهارٍ ملموس لقرب الرب والكنيسة من جميع مَن يطلبون المساعدة لمواصلة أو لبدء مسيرة إيمان. وشدد البابا في هذا السياق على أن منح البركة حسب هذه الوثيقة، والذي هو بعيد عن أي إطار ليتورجي، لا يتطلب كمالا أخلاقيا لنيلها، كما وتحدث البابا عن أنه حين يطلب شخصان في علاقة البركة بشكل اختياري فإنه لا يتم منح البركة للعلاقة بل لشخصين طلبا هذا معا. وأشار الأب الأقدس في هذا السياق إلى ضرورة أخذ بعين الاعتبار الأطر والحساسيات المختلفة للأماكن المختلفة، والأشكال الأكثر ملاءمة لمنح هذه البركة.