في رسالة إلى المشاركين في مؤتمر ينظمه مجلس أساقفة إيطاليا حول الرسالة التربوية للكنيسة شدد البابا فرنسيس على كون التربية حقا للجميع وتوقف عند التزام الكنيسة في هذا المجال وكون التربية قضية ملحة.
وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في مؤتمر ينظمه في مدريد مجلس أساقفة إسبانيا بعنوان “الكنيسة في التربية”. وعقب توجيه التحية إلى الجميع ذكر الأب الأقدس أنه يعلن بتنظيم أساقفة إسبانيا قبل مئة سنة مؤتمرا شبيها، وتوقف بالتالي عند كون الرسالة التربوية للكنيسة متواصلة عبر القرون، وأضاف أن ما يحفزنا اليوم كما في تلك الفترة هو الرجاء الذي ينبع من الإنجيل والذي من خلاله ننزر إلى الجميع بدءً من الأكثر صغرا وضعفا.
وتابع الأب الأقدس حديثه عن التربية فقال إنها في المقام الأول فعل رجاء في من أمامنا من أشخاص، رجاء في آفاق حياتهم وإمكانية أن يتغيروا وأن يساهموا في تجديد المجتمع. ثم شدد على كون الرسالة التربوية ملحة جدا اليوم، ولهذا أراد قداسته بقوة الميثاق التربوي العالمي والذي تتمثل أولويته في وضع الأشخاص في المركز. وواصل البابا مؤكدا على حق الجميع في التربية والتي لا يجوز إقصاء أحد منها. وأراد التذكير مجددا بالكثير من الأطفال والفتية الذين لا يتمكنون من الحصول على التربية في مناطق مختلفة من العالم والذين يتعرضون لظلم ويعانون حتى من الحروب والعنف.
أشاد البابا فرنسيس في رسالته بعد ذلك بالرغبة في تناول قضية التربية الهامة في هذا المؤتمر، ودعا المشاركين فيه إلى العمل انطلاقا من احتياجاتهم في إسبانيا دون نسيان أحد، كما وحثهم على التنبه إلى أشكال الاستبعاد الجديدة التي تولِّد ثقافة الإقصاء. تحدث الأب الأقدس أيضا عن ضرورة تذكُّر دائما أن تأسيس علاقات عادلة بين الشعوب وأن القدرة على التضامن إزاء المعوزين والعناية بالبيت المشترك تمر كلها عبر قلوب وعقول وأيادي مَن يتم تربيتهم اليوم.
وواصلت رسالة الأب الأقدس متوقفة عند ما يميز التربية الكاثوليكية، ألا وهي الأنسنة الحقيقية والتي تنبع من الإيمان وتولد الثقافة. تحدث البابا فرنسيس أيضا عن المسيح الذي يعيش بيننا ويتكلم لغتنا ويرافق عائلتنا وشعبنا، كما وأراد التذكير بحضور الكنيسة والتزامها في مجال التربية في إسبانيا، وبالكثير من الأشخاص والجماعات الذين ساهموا من خلال عملهم في الهوية الثقافية لمجتمعكم، كتب قداسته، وأثروا أيضا مسيرة الكنيسة الجامعة.
هذا وشجع البابا فرنسيس في رسالته المشاركين في المؤتمر على مواصلة التأمل والسير معا وعلى تثمين هويتهم وإيمانهم. ووصف قداسته في هذا السياق التربية بعمل جماعي يستدعي دائما التعاون والعمل في شبكة، وحث الجميع بالتالي على تفادي العمل بمفردهم والمرجعية الذاتية، فالتربية تصبح مستحيلة بدون التركيز على الحرية وفتح طريق الصداقة الاجتماعية وثقافة اللقاء.
وفي ختام رسالته إلى المشاركين في المؤتمر الذي ينظمه مجلس أساقفة إسبانيا حول الكنيسة في مجال التربية وجه البابا فرنسيس الشكر على اختيار الكنيسة في إسبانيا التأمل في الرسالة التربوية في كل أبعادها الواسعة، وهو ما يمكن وصفه بإحدى علامات الأزمنة. وأراد الأب الأقدس توجيه الشكر إلى جميع المربين والعاملين في هذا المجال والذين قد لا يلقون ما يستحقون من التثمين المناسب، وقال لهم إن رسالتهم هي عزيزة عند الله وهي هامة جدا بالنسبة لأخوتهم. ثم تضرع الأب الأقدس مختتما رسالته كي يبارك يسوع العائلات التي عليها تربية أبنائها وأيضا جميع المشاركين في الرسالة التربوية للكنيسة، وكي تحرسهم القديسة مريم العذراء. أكد البابا فرنسيس بعد ذلك قربه من الجميع وشجعهم على مواصلة أن يكونوا صناع سلام، كما وأكد صلاته من أجل الجميع داعيا إياهم إلى الصلاة من أجله.