الإعلان والاستقبال وتعزيز السلام، كانت هذه العناصر الثلاثة المميزة لعمل القديس برناردوس محور كلمة البابا فرنسيس اليوم خلال استقباله وفدا من أبرشية أوستا في شمال إيطاليا ومعهد الحياة المكرسة Congregazione dei Canonici del Gran San Bernardo.
استقبل البابا فرنسيس اليوم الاثنين ١١ تشرين الثاني نوفمبر وفدا من أبرشية أوستا في شمال إيطاليا ومعهد الحياة المكرسة Congregazione dei Canonici del Gran San Bernardo. وفي بداية كلمته إلى ضيوفه رحب الأب الأقدس بالجميع معربا عن سعادته للقائهم في ختام السنة اليوبيلية في الذكرى المائوية الأولى لإعلان القديس برناردوس الأوستي شفيع متسلقي الجبال وزوار جبال الألب وسكانها سنة ١٩٢٣، وأيضا لمناسبة مرور الذكرى المائوية التاسعة لإعلانه قديسا ومرور ألف سنة على ميلاده.
وتابع البابا فرنسيس قائلا إنه يريد التأمل في شخصية هذا القديس، وأضاف أن بالإمكان اختصار بعض الميزات الأساسية لعمله المثمر في ثلاثة عناصر للعمل الذي دعته إليه العناية الإلهية، ثلاث نقاط هي آنية جدا بالنسبة لأيامنا وهي الإعلان والاستقبال وتعزيز السلام. وبدأ قداسة البابا بالتأمل في العنصر الأول فقال إن القديس برناردوس كان واعظا يتمتع بالقدرة على لمس حتى القلوب المتحجرة فاتحا إياها على عطية الإيمان وعلى الارتداد، وكان يجعل الإعلان خبرة قوية وفرِحة، وقد كرس ذاته لهذه الرسالة بقوة حتى موته سنة ١٠٨١ في نوفارا التي كان يعظ فيها.
انتقل قداسة البابا بعد ذلك إلى الحديث عن العنصر الثاني في عمل هذا القديس أي الاستقبال، فتوقف عند نشاط محبة اشتهر به القديس برناردوس ارتبط برسالة أوكلت إليه بحكم الطاعة، أي رعاية الحجاج والمتنقلين عبر الممرات الجبلية الألبية في الجبل الأبيض، وهي الممرات التي لا تزال تحمل اسم هذا القديس وكان يتم العبور من خلالها لوصول إيطاليا من فرنسا وسويسرا وبالعكس، وكانت هذه رحلات صعبة يحيط بها خطر فقدان الطريق أو التعرض لهجوم والموت وسط الثلوج. ولرعاية مَن يمرون عبر هذه المناطق أسس القديس برناردوس ملجأً مع أعضاء الجمعية التي أسسها والتي لا تزال تقدم هذه الخدمة. وتحدث البابا فرنسيس عن هذه الخدمة واصفا إياها ببرنامج محبة متكاملة، مادية وروحية، محورها الإفخارستيا، خدمة تنطلق من الصلاة لاستقبال أي مَن يقرع الباب. وتابع البابا أن هذا نموذج بالنسبة لزمننا، أي استقبال مَن يطلب المساعدة والعناية به، وذلك في الجسد وفي الروح، بدون تفرقة أو انغلاق.
أما في حديثه عن الجانب الثالث، أي تعزيز السلام، فوصف البابا فرنسيس القديس برناردوس بساعٍ للسلام. وعاد قداسته إلى حدث رمزي في هذا المجال وهو الرحلة التي قام بها القديس إلى مدينة بادوفا بينما كان يعاني من المرض وذلك في محاولة للوصول إلى الامبراطور هنري الرابع وإقناعه بالتخلي عن نيته إعلان حرب على البابا غريغوريوس السابع. وواصل الأب الأقدس أن هذه رحلة قد كلفت القديس حياته حيث توفي عقب عودته منها بقليل. وتابع البابا أن هذه المساعي، وكما نعرف، لم يُكتب لها النجاح، إلا أن هذا يجعل القديس برناردوس أكثر نبلا في أعيننا بفضل التزامه في عمل حساس وغير أكيد رغم عدم وجود أية ضمانات للنجاح فيه. وأضاف الأب الأقدس: تعزيز السلام بدون إحباط وحتى أمام الإخفاقات، كم نحن في حاجة الآن أيضا إلى هذه الشجاعة!
وفي ختام كلمته إلى ضيوفه قال البابا إن بعضهم يعملون كمرشدين جبليين أو معلمي تزلج، ولهذا فهو يريد اختتام حديثه باستخدام رمزين جبليين، فأس الجليد التي يستخدمها المتسلقون والحبل. وقال قداسته إن فأس القديس برناردوس كانت كلمة الله التي نجح القديس في أن يحفر بها حتى في أكثر النفوس برودة وتحجرا. أما حبله فهو الجماعة التي سارت معه وساعدت الآخرين على السير عبر مسارات خطيرة للوصول إلى الهدف. أعرب البابا في الختام للجميع عن الرجاء في أن يقطعوا مسيرات جميلة مثلما فعل القديس برناردوس وذلك بين الجبال المرتفعة، ولكن في المقام الأول داخل القلب. وسأل قداسته هنا: هل لدينا الشجاعة للسير داخل القلب والتعرف على ما يشعر به وعلى ما يقول؟ ثم بارك الأب الأقدس الحضور وسكان منطقتهم جميعا وسأل ضيوفه أن يُصلوا من أجله.