البابا فرنسيس: الإصغاء هو جوهر التحاور في الروح القدس والتمييز والسينودسية

الإصغاء باعتباره العنصر الأساسي في المسيرة السينودسية وللتحاور في الروح القدس والتمييز. هذا ما تمحورت حوله مقدمة كتبها البابا فرنسيس لكتاب بعنوان “التحاور في الروح القدس – فن التمييز وتطبيق السينودسية”.
يَصدر غدا الثلاثاء ٣٠ نيسان أبريل عن المكتبة ودار النشر الفاتيكانية كتاب لليسوعيَّين الأب خوان أنطونيو غيريرو الفيس والأب أوسكار مارتن لوبيس بعنوان “التحاور في الروح القدس – فن التمييز وتطبيق السينودسية”. ولهذه النسخة الإيطالية للكتاب، الذي صدر قبل عام بالإسبانية لدار تابعة لمجموعة الاتصالات اللويولية اليسوعية، كتب المقدمة البابا فرنسيس. وذكر قداسته إن مقدمته هذه ستتمحور في المقام الأول حول التحاور في الروح القدس أي الأسلوب المتَبَّع في المسيرة السينودسية، وواصل معربا عن تقديره لعدم اقتصار المؤلفَين على التطرق إلى هذا الأسلوب ووظيفته، حيث يقدمان للقراء مراجع تاريخية كافية من أجل فهم هذا الأسلوب بعمق وفهم كل ما يحركه وذلك من أجل الانتقال إلى خبرة إصغاء إلى الروح القدس. وتوقف قداسة البابا أيضا عند إيضاح الأبوين اليسوعيَّين كون الأسلوب السينودسي خبرة روحية يهدف فيها كلٌّ من الكلمة والإصغاء إلى أن يكون الروح القدس هو البطل الحقيقي. وتابع البابا فرنسيس أن الكتاب يقود إلى إدراك أن المسيرة السينودسية التي بدأناها ككنيسة هي خبرة روحية شخصية وجماعية وكنسية، وبالتالي فهي تتطلب عملا فرديا من كل شخص في أعماقه.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن صورة ينقلها الكتاب، ألا وهي تلك التي تُشَبه التحاور في الروح القدس بالسكب في مجرى، فقال إنها صورة جديرة بالتطوير في المستقبل لأن هذا المفهوم للتحاور يسمح بالاستفادة من وجهات النظر المختلفة من أجل إثراء ذلك المجرى المشترك. وتابع قداسته أن التحاور في الروح القدس طريقا للمشاركة نحو الشركة وتجديد الرسالة، طريق يشجع الجميع على أن يستقبلوا، في الشركة وفي الوحدة، تنوعنا. كما وتوقف الأب الأقدس عند الإصغاء باعتباره الجوهر الأساسي للتحاور في الروح القدس والتمييز والسينودسية، وأضاف أن المسيرة السينودسية التي بدأتها الكنيسة هي مسيرة إصغاء عميق، وتوقف البابا عند الإصغاء اللازم والذي يصفه المؤلفان في الكتاب بالمنفتح والمرن، فقال إن هذا أمر أساسي وضروري حيث يسمح مثل هذا الإصغاء للروح القدس أن يحركنا ويبدلنا، وأن يجعلنا نختار ويقودنا إلى قرارات ملموسة. وواصل الأب الأقدس أنه في حال ظل كل واحد منغلقا في المواقف التي تم تَبَنيها سابقا فلن يكون هناك ارتداد حقيقي ولا إصغاء حقيقي في الروح القدس. فمن يفعل هذا لن يجد شيئا لتعلُّمه أو استيعابه من الآخرين وسيخشى اتخاذ أية قرارات تُحدث تغييرا. فقط حين نصغي إلى بعضنا البعض بصدق فإننا نغتني ونُعمِّق الشركة والرسالة، قال الأب الأقدس.
أشاد البابا فرنسيس بعد ذلك بفصل في الكتاب بدا له جوهريا بشكل خاص حسبما كتب في المقدمة، ألا وهو الفصل المتعلق بالاستعداد الداخلي. وقال في هذا السياق إن نيتنا، وحسبما ذكر في أكثر من مناسبة، ليست عقد برلمان أو إجراء استطلاع للرأي، بل نحن نريد أن نسير معا كأخوات وأخوة في إصغاء للروح القدس، البطل الحقيقي للسينودس. وتابع الأب الأقدس أن الإصغاء إلى الروح القدس يقتضي تصرفا داخليا، وأن الارتداد في الروح القدس والتمييز والسينودسية يمكن أن تتحقق فقط في حال سعينا إلى إفراغنا من ذاتنا لنملأ أنفسنا بالروح القدس، عندما تذيب حريتنا السلاسل المادية والايديولوجية كي يقودنا الروح القدس بشكل أكثر كفاءة، في حال أنمَينا في دواخلنا التواضع والضيافة والاستقبال، وأبعدنا من جهة أخرى الزهو والمرجعية الذاتية، فهكذا فقط ستتعزز شركتنا ورسالتنا، قال البابا فرنسيس.
وفي ختام المقدمة أشار الأب الأقدس إلى الفصل الأخير في الكتاب والمخصَّص للطرق الملموسة لإجراء التحاور في الروح القدس، حيث يشرح الأبوان اليسوعيان منهج وأساليب إجراء هذا التحاور والجوانب التي تحتاج إلى انتباه خاص. وقال البابا إن هذا الفصل لا يجوز أن يُقرأ كختام للكتاب وذلك لأن كل منهج هو وسيلة لتحقيق الهدف وليس الهدف في حد ذاته، وهو ما ينطبق أيضا على أداة العمل في السينودس، فهي تشير إلى ضرورة تَبَني المنهج في الأوضاع المختلفة. وتابع الأب الأقدس أن أداة العمل في السينودس حول السينودسية قد شددت على الحاجة الضرورية إلى التكوين على التحاور في الروح القدس، وأضاف أن كتاب الأبوين اليسوعيَّين يقدِّم من وجهة نظره مادة مفيدة لبلوغ هذا الهدف. وختم البابا فرنسيس شاكرا الأب خوان أنطونيو غيريرو الفيس والأب أوسكار مارتن لوبيس على عملهما معربا عن ثقته في أن هذا الكتاب سيكون مساعدة ممتازة في الكثير من الأوساط الكنسية.